للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والأبرار، والمقربين، والعلماء العاملين، والمحبين لله ورسله، المتبعين لوحي الله تعالى"١.

عرف الله تعالى ملائكته بهذا الخليفة، وهو يكونه أمامهم مرحلة، مرحلة.

ففي المرحلة الأولى صنعه بشرا من طين وقال لهم: {إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ} ٢, فرأوا العنصر المادي، وشاهدوا الصورة البشرية لآدم، ثم عرفهم الله تعالى بالمرحلة الثانية، وأمرهم بتعظيمه، والترحيب به حينما يرون نفخة من روح الله تعالى تدب في هذا الجسد المادي، وقال لهم: {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ} ٣.

وهكذا تكاملت الإنسانية في آدم -عليه السلام- وبدأت البشرية مسيرتها في الأرض.

وقد اتحد العنصران في آدم -عليه السلام- فلم تبق النفخة العلوية هائمة في عالمها السامي، ولم يستمر الطين جسدا جامدا لا يتحرك، وإنما كونا معا إنسانا ماديا ينمو، ويدرك، ويفكر، ويستفيد بكل ما سخر الله له.

وقد أبقى الله تعالى هذا التمازج بين الجسد والروح، سرا من أسرار حكمته، بحيث لا يستطيع إنسان ما إدراك كيفية هذا التمازج، أو اكتشاف صور التفاعل فيه.

ومن عجيب حكمة الله تعالى أن هذا التمازج يستمر ما دام لصاحبه في الدنيا حياة، فإذا جاء الأجل في لحظة لا يعلمها إلا الله يأمر سبحانه وتعالى بانفصال العنصرين؛ لترتفع الروح إلى بارئها، ويعود الجسد ترابا مرة أخرى.

وبعد تمام خلق آدم أخرج الله له من ضلعه الأيسر زوجته حواء؛ ليكونا أول أسرة بشرية، يجمعها الترابط، وتتمتع بالمودة والرحمة، ويشعر كل طرف بدور


١ تفسير ابن كثير ج١، ص٦٩.
٢ سورة ص آية: ٧١.
٣ سورة الحجر آية: ٢٩.

<<  <   >  >>