للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[ثانيا: حركة موسى بالدعوة للإسرائيليين]

...

ويبدو أن الإسرائيليين شعروا بعجزهم في الالتزام بهذا الميثاق، فحاولوا التخلص منه بعد إقراره، لتعارضه مع طبيعتهم، ونفسياتهم، لكن موسى -عليه السلام- لم يقبل منهم التردد؛ لعلمه أنهم لا يطيقون الحق، ولا بد من حملهم عليه حملا، فأمر الله الملائكة فرفعت الجبل فوق رءوسهم، حتى صار غمامة فوقهم، وقال لهم موسى: إما أن تقبلوا ما في الألواح، وإلا سقط عليكم الجبل، فخافوا, وقبلوا الألواح، وسجدوا لله تعالى.

يقول الله تعالى عن هذه الحادثة: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ، ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ} ١، ودلالة الآية ظاهرة في أنهم أطاعوا الله بالخوف، ولولا ذلك لاستمروا على المعصية والتمرد.

المسألة الثامنة: عدوانهم يوم السبت

حرم الله على اليهود صيد السمك يوم السبت؛ ليختبر صدقهم في تدينهم، ومدى إخلاصهم في الطاعة والانقياد، وقدر الله أن يكون النهر في يوم السبت مليئا بالحيتان، تأتيهم مشرعة، بيضاء، سمانا، لا يُرَى الماء من كثرتها، وتغيب عنهم في الأيام الأخرى، فاستمروا على الطاعة مدة، إلا أنهم لم يصبروا طويلا، وتحايلوا في المعصية، فمنهم من كان يصطاد يوم السبت، ويترك صيده في الماء مربوطا بالحبال، ليأخذه يوم الأحد، أو في يوم آخر، ومنهم من حفر جدولا صغيرا، يحبس فيه السمك يوم السبت، ويأخذه في الأيام الأخرى، فنصحهم فريق منهم، فلم يسمعوا لنصحهم


١ سورة البقرة الآيات: ٦٣, ٦٤.

<<  <   >  >>