للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثاني: الغاية من خلق الإنسان]

حينما ننظر في دعوات الرسل عليهم السلام جميعا، نرى قضية رئيسية بدءوا بها جميعا، وهي {اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} وتتضمن هذه الدعوة على أمرين واضحين:

أولاهما: الله واحد لا شريك له.

ثانيهما: ضرورة عبادة الله الواحد الأحد.

ويقوم الدين كله على هذين الجانبين، وكل ما بعدهما من أمور الدين فروع وثمار، تأتي تبعا لتحقيق هذين الجانبين في حياة الناس.

وبالنظر في هذين الأمرين تظهر الغاية من خلق الإنسان، فهو لم يخلق ليعمر الكون فقط، أو ليعيش فقط، وإنما خلق ليكون عبدا لله تعالى، يحقق العبودية في نفسه، وفي أعماله، وفي الكون من حوله، يقول الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} ١.

فالإنسان مخلوق للعبادة، وقد اختصه الله بخلافته في الأرض، ليحقق هذه العبودية على نفسه، ومع الناس، وفي الكون كله.

وقد هيأ الله تعالى الإنسان، وأمده بالعقل، والقدرة، وأراد الله له أن يعبده راضيا، مختارا، وكلفه، ليكون قادرا على القيام بالعبادة عن وعي، ورضا، واختيار، ليسعد بهذه العبودية التي يؤدي بها ما وجب عليه، وأعطاه حرية في التطبيق والعمل، يريد، ويميل، والله يعينه، وبذلك يكون العابد كريما لا ذليلا، مريدا لا مقهورا، وتلك رحمة من الله تعالى، حيث كلف الناس بالعبادة، وتكفل لهم بالرزق، والمعاش


١ سورة الذاريات آية "٥٦".

<<  <   >  >>