للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الخامس: الدعوة إلى مكارم الأخلاق]

[الاتجاه الأول: الدعوة إلى الأخلاق مع بدء الدعوة إلى التوحيد]

...

[المبحث الخامس: الدعوة إلى مكارم الأخلاق]

تعتبر الأخلاق جانبا حيويا وهاما في كل رسالة سماوية، ولم تكتف واحدة منها بتصحيح العقائد، والشرائع بل وصل اهتمامها بالأخلاق إلى أن المناداة بها ظهر مقترنا بظهور الدعوة؛ لأن الأخلاق جزء من التوحيد وعبادة الله تعالى.

ومن المعروف أن صدق التوحيد، وإخلاص العبادة، يستتبعان بالضرورة أخلاقا نقية عالية، والرسل صلوات الله عليهم خير الناس، اصطفاهم الله تعالى لنشر المكارم الأخلاقية، وركز في طباعهم السمو النفسي، والأخلاقي، الذي جعلهم مستعدين للقيام برسالتهم، يحدد الرسول الخاتم صلى الله عليه وسلم منزلة الخلق في الرسالات فيقول صلى الله عليه وسلم: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق" ١ فهو متمم لمن سبقه من الرسل، وكأن الهدف من كل رسالة هو نشر جانب أخلاقي ما، إلا أن الرسالة الخاتمة جاءت متممة لهدف هذه الرسالات بتكميل مكارم الأخلاق كلها.

ولقد كان منهج الرسالات المقدس في تعليم الأخلاق واضحا في اتجاهات معينة نجملها في اتجاهات ثلاثة هي:

[الاتجاه الأول: الدعوة إلى الأخلاق مع بدء الدعوة إلى التوحيد]

بدأ الرسل في دعوتهم إلى الأخلاق مع بداية الدعوة إلى التوحيد، حتي يصنعوا بالأخلاق حاجزا بين النفس وشهوتها والقلب وهواه، ويرسموا للإنسانية طريقا مليئا بالفضائل والصلاح.

وإنما بدءوا هكذا لأن الإيمان بالله قرين الأخلاق، كلاهما يستلزم خضوعا وخشوعا، وطاعة مطلقة لله تعالى، وتجنب المظالم، وترك النفس، كل ما يشينها ويرديها، وكلاهما يستوجب على صاحبه أن يتحلى بالآخر، ولا يكمل الآخر


١ موطأ مالك بشرح الزرقاني ج٤ ص٩٢ ما جاء في حسن الخلق.

<<  <   >  >>