للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان عليه السلام رفيقا بهم، حليما في خطابهم، وهو يذكرهم بعذاب الله تعالى، فبيّن لهم أنه يخاف عليهم، وأنه يتمنى نجاتهم وفوزهم برضى الله تعالى، حتى لا تنزل بهم العقوبة إن لم يؤمنوا برسالته، ويتبعوا دعوته.

تمسكت عاد بضلالها، وأخذوا يردون على هود في عتوّ، واستكبار، ولم يسلموا بوحدانية الله تعالى، وأعلنوا أن عبادة آبائهم للأصنام، وللآلهة المتعددة هي دينهم، ولن يحيدوا عنه أبدا, وقالوا له: {قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} ١.

وزعموا في استعلاء الجاهل أنه لم يقدم لهم دليلا مقنعا يبعدهم عن الشرك، وقالوا له: {قَالُوا يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ} ٢، ولم يتأثروا بدعوته، ولا بالآيات التي ذكرها.

وأخذوا يسبّونه، ويشتمونه، ويتهمونه بخفة العقل والكذب، قال تعالى: {قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ} ٣، وصدقوا أنفسهم في أكاذيبهم، وتصوروا لأصنامهم قدرة تنفع وتضر, وقالوا له: {إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ} ٤، واستمروا في ضلالهم وكفرهم، فتبرأ هود -عليه السلام- منهم ومن آلهتهم، وكرر عليهم وعيد الله تعالى بعذابهم إن لم يؤمنوا.


١ سورة الأعراف آية: ٧٠.
٢ سورة هود آية: ٥٣.
٣ سورة الأعراف آية: ٦٦. ويلاحظ أنهم جعلوه واحدا من الكاذبين، فشتموا بذلك سائر الأنبياء والدعاة.
٤ سورة هود آية: ٥٤.

<<  <   >  >>