للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " إِذَا آلَى الرَّجُلُ مِنَ امْرَأَتِهِ فَلَمْ يَفِ حَتَّى مَضَى أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَهِيَ تَطْلِيقَةٌ بَائِنٌ " وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ، وَتَعَلَّقَتْ كُلُّ طَائِفَةٍ مِنْهُمْ بِمَا رَوَتْ مِمَّا يُوَافِقُ مَذْهَبَهَا عَمَّنْ ذُكِرَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَجَبَ أَنْ نَنْظُرَ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنْ ذَلِكَ لِنَسْتَخْرِجَ مِنَ الْقَوْلَيْنِ اللَّذَيْنِ اخْتَلَفُوا فِيهِمَا وَقَالُوا: هُمَا فِي ذَلِكَ قَوْلا يُوجِبُ الْقِيَاسُ صِحَّتَهُ، وَيَشْهَدُ لَهُ الإِجْمَاعُ، فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ فَوَجَدْنَا اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ قَالَ: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} ، فَجَعَلَ التَّرَبُّصَ إِلَى مُدَّةٍ، ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} فَأْجَمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَّى أَنَّهُ إِنْ فَاءَ إِلْيَها فِي الأَرْبَعَةِ الأَشْهُرِ قَبْلَ مُضِيِّهَا كَانَ فِي ذَلِكَ فَيْئًا قَدْ دَخَلَ فِي هَذِهِ الآيَةِ، وَإِنْ مَضَتْ وَلَمْ يَفِئْ إِلَيْهَا كَانَ فِي ذَلِكَ الاخْتِلافُ الَّذِي ذَكَرْنَا، وَوَجَبَ النَّظَرُ الَّذِي وَصَفْنَا، فَوَجَدْنَا اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ ذَكَرَ التَّرَبُّصَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ سِوَى مَا ذَكَرَ فِي هَذِهِ الآيَةِ، مِنْ

ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} ، فَكَانَ ذَلِكَ التَّرَبُّصُ الَّذِي أَوْجَبَهُ عَلَيْهِنَّ غَيْرَ مُجَاوِزٍ لِلأَرْبَعَةِ الأَشْهُرِ وَلِلْعَشْرِ الَّتِي جَعَلَهَا عَلَيْهِنَّ، إِلَى غَيْرِهَا مِنَ الشُّهُورِ، وَكُنَّ بَعْدَ انْقِضَاءِ الأَرْبَعَةِ الأَشْهُرِ وَالْعَشْرِ خَارِجَاتٍ مِنَ التَّرَبُّصِ الَّذِي كُنَّ فِيهِ فِي الأَرْبَعَةِ الأَشْهُرِ وَالْعَشْرِ وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوَءٍ} ، وَكَانَ ذَلِكَ التَّرَبُّصُ الَّذِي أَوْجَبَهُ عَلَيْهِنَّ فِي الثَّلاثَةِ الْقُرُوءِ الَّتِي ذَكَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ، لَا فِيمَا بَعْدَهَا مِنَ الأَقْرَاءِ ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى آيَةِ الإِيلاءِ، فَوَجَدْنَا اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ ذَكَرَ فِيهَا تَرَبُّصًا أَوْجَبَهُ عَلَى الزَّوْجَاتِ، وَحَصَرَهُ بِمُدَّةٍ ذَكَرَهَا، فَقَالَ جَلَّ وَعَزَّ: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} ، فَكَانَ فِي الأَرْبَعَةِ الأَشْهُرِ الَّتِي أَوْجَبَ التَّرَبُّصَ عَلَيْهِنَّ فِيهَا إِذَا مَضَتْ فَلا مَعْنَى

<<  <  ج: ص:  >  >>