للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حجة على ثبوت حكمه في الواقعة التي وردت فيه بالوصف أو الشرط أو الغاية أو العدد الذي ذكر فيه، ويكون حجة على ثبوت نقيض حكمه في الواقعة التي وردت فيه إذا كانت على خلاف الوصف، أو الشرط، أو الغاية، أو العدد الذي ذكر فيه. ويسمى حكمه الأول منطوقة، ويسمى حكمه الثاني مفهومه المخالف. فالتحريم للدم المسفوح والتحليل للدم غير المسفوح، كل منهما مدلوله قوله تعالى: {أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً} [الأنعام: ١٤٥] ،

وذهب الأصوليون من الحنفية؛ إلى أن النص الشرعي الدال على حكم في واقعة، إذا قيد بوصف أو شرط بشرط، أو حدد بغاية أو عدد، لا يكون حجة إلا على حكمه في واقعته، التي ذكرت فيه بالوصف أو الشرط أو الغاية أو العدد الذي ذكر فيه، وأما الواقعة التي انتقى عنها ما ور د فيه من قيد، فلا يكون حجة على حكم فيها، بل يكون النص ساكتا عن بيان حكمها، فيبحث عن حكمها بأي دليل من الأدلة الشرعية التي منها أن الأصل في الأشياء الإباحة.

استدل الجمهور على ما ذهبوا إليه بعده أدلة، أظهرها اثنان:

الأول: أن المتبادر إلى الفهم من أساليب العرب وعرفهم في استعمال عباراتهم؛ أن تقييد الحكم بوصف أو شرط، أو تحديده بغاية أو عدد، يدل على إثبات الحكم حيث يوجد القيد، وعلى نفيه حيث ينتفي. فمن قال: مطل الغنى ظلم، يفهم من قوله أن الفقير ليس كذلك، ومن قال: هبب ابنك ساعة إذا نجح، يفهم منه لا تهبه إذا لم ينجح.

ولهذا لما رأى عمر أنهم يقصرون الصلاة في السفر ولا خوف من من فتنة الكفار لهم، تعجب من هذا وسأل الرسول: ما بالنا نقصر الصلاة في الأمن؟ فقال الرسول "صدقة تصدق الله بها عليم فاقبلوا صدقته"، ومنشأ هذا التعجب أن عمر فهم من قوله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ} [النساء:١٠١] ، أنهم إن لم يخافوا الفتنه

<<  <   >  >>