للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تغاضى لهم وسنان، بل متواسنا، ... وتوقظهم يقظان بل متياقظا «١»

[وأبو جعفر هذا هو الباقر] ، وكان أخوه زيد بن على رضي الله عنه ديّنا، شجاعا، ناسكا، من أحسن بنى هاشم عبارة، وأجملهم شارة.

وكانت ملوك بنى أمية تكتب إلى صاحب العراق أن امنع أهل الكوفة من حضور زيد بن على؛ فإنّ له لسانا أقطع من ظبة السيف وأحدّ من شبا الأسنة «٢» ، وأبلغ من السحر والكهانة «٣» ، ومن كل نفث في عقدة.

وقيل لزيد بن على: الصمت خير أم الكلام؟ فقال: قبّح الله المساكتة، ما أفسدها للبيان، وأجلبها للعىّ والحصر «٤» ! والله للمماراة أسرع في هدم العىّ «٥» من النار في يبس العرفج، ومن السيل إلى الحدور «٦» .

وقال له هشام بن عبد الملك: بلغنى أنّك تروم الخلافة وأنت لا تصلح لها لأنك ابن أمة؟ قال زيد: فقد كان إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام ابن أمة، وإسحاق ابن حرّة؛ فأخرج الله من صلب إسماعيل خير ولد آدم! فقال له: قم! فقال: إذا والله لا ترانى إلّا حيث تكره! فلما خرج من الدار قال: ما أحبّ أحد الحياة قط إلّا ذلّ، فقال له سالم مولى هشام: لا يسمعنّ هذا الكلام منك أحد، وكان زيد كثيرا ما ينشد:

شرّده الخوف وأزرى به ... كذاك من يكره حرّ الجلاد «٧»

منخرق الخفّين يشكو الوجى ... تنكبه أطراف مرو حداد «٨»

<<  <  ج: ص:  >  >>