للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فدللت عليك- أصلحك الله تعالى- وأنا امرأة من هوازن؛ وقد مات الوالد، وغاب الرّافد، وأنت بعد الله غياثى، ومنتهى أملى، فافعل بى إحدى ثلاث:

إما أن تردّنى إلى بلدى، أو تحسن صفدى «١» . أو تقيم أودى! فقال: بل أجمعها لك، فلم يزل يجرى عليها كما يجرى على عياله، حتى ماتت.

قال العتبىّ: وقف أعرابىّ بباب عبيد الله بن زياد، فقال: يأهل الغضارة «٢» ، حقب السحاب «٣» ، وانقشع الرّباب «٤» ، واستأسدت الذّئاب، وردم الثّمد، وقلّ الحفد «٥» ، ومات الولد، وكنت كثير العفاة، صخب السقاة، عظيم الدّلاة «٦» ، لا أتضاءل للزمان، ولا أحفل بالحدثان، حىّ حلال «٧» ، وعدد ومال، فتفرقنا أيدى سبا، بعد فقد الأبناء والآباء؛ وكنت حسن الشارة، خصيب الدّارة، سليم الجارة، وكان محلى حمى، وقومى أسى، وعزمى جدا؛ قضى الله ولا رجعان لما قضى، بسواف المال «٨» ، وشتات الرجال، وتغيّر الحال، فأغيثوا من شخصه شاهده، ولسانه وافده، وفقره سائقه وقائده.

[من مقامات بديع الزمان] ومن مقامات الإسكندرى من إنشاء بديع الزمان، قال:

حدثنا عيسى بن هشام، قال: دخلت البصرة وأنا من سنّى فى فتاء «٩» ، ومن الزّىّ فى حبر ووشاء «١٠» ، ومن الغنى فى بقر وشاء؛ فأتيت المربد مع رفقة تأخذهم العيون، ودخلنا غير بعيد فى بعض تلك المتنزهات، ومشينا فى تلك المتوجّهات، وملكتنا أرض فحللناها، وعمدنا لقداح اللهو فأجلناها، مطّرحين للحشمة،

<<  <  ج: ص:  >  >>