للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كالماء المالح الذى كلما ازداد له صاحبه شربا ازداد عطشا، وكالقطعة من العسل فى أسفلها سم للذائق؛ فيه حلاوة عاجلة، وله فى أسفلها سمّ ذعاف، وكأحلام النائم التى تسرّه فى منامه، فإذا استيقظ انقطع السرور، وكالبرق الذى يضىء قليلا، ويذهب وشيكا «١» ، ويبقى صاحبه فى الظلام مقيما، وكدودة الإبريسم ما ازدادت عليه لفّا إلا ازدادت من الخروج بعدا.

وفيه: صاحب الدين قد فكر؛ فعلته السكينة، وسكن فتواضع، وقنع فاستغنى، ورضى فلم يهتمّ، وخلع الدنيا فنجا من الشرور، ورفض الشهوات فصار حرّا، وطرح الحسد فظهرت له المحبّة، وسخت نفسه عن كل فان، فاستكمل العقل، وأبصر العاقبة، فأمن الندامة، ولم يؤذ الناس فيخافهم، ولم يذنب إليهم فيألهم العفو.

[[وصية من عتبة بن أبى سفيان]]

وقال سعد القصر مولى عتبة بن أبى سفيان: ولأنى عتبة أمواله بالحجاز، فلما ودّعته قال: يا سعد، تعاهد صغير مالى فيكبر، ولا تجف كبيره «٢» فيصغر؛ فإنه ليس يمنعنى كثير ما عندى، من إصلاح قليل ما فى يدى، ولا يمنعنى قليل ما عندى من كثير ما ينو بنى «٣» . قال: فقدمت الحجاز، فحدثت به رجالا من قريش، ففرّقوا به الكتب إلى الوكلاء.

[[يزيد بن معاوية]]

وقال يزيد بن معاوية لعبيد الله بن زياد: إنّ أباك كفى أخاه عظيما، وقد استكفيتك صغيرا، فلا تتّكلنّ منى على عذر، فقد اتكلت منك على كفاية، ولأن أفول لك: إياك، أحبّ إلىّ من أن أقول: إياى؛ فإنّ الظنّ إذا أخلف فيك أخلف منك، فلا ترح نفسك وأنت فى أدنى حظّك، حتى تبلغ

<<  <  ج: ص:  >  >>