للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإسعاف هشّة، فأظهر ما فى نفسك غير محقّق، ولا توهم أنّ عليك فى الرد ما يوحشك، ولا فى المنع ما يغيظك، وليكن انطلاق وجهك إذا دفعت عن حاجتك أكثر منه عند نجاحها على يدك، ليخفّ كلامك، ولا يثقل على سامعه منك. أقول ما أقول غير واعظ ولا مرشد، فقد جمّل الله خصالك، وحسّن خلالك، وفضّلك فى ذلك كله؛ لكنى أنبه تنبيه المشارك لك، وأعلم أنّ للذكرى موصعا منك لطيفا.

وله أيضا: سألتنى عمن شفّنى «١» وجدى به، وشغفنى حبّى له، وزعمت أنى لو شئت لذهلت عنه ولو أردت لاعتضت منه. زعما، لعمر أبيك، ليس بمزعم. كيف أسلو عنه، وأنا أراه، وأنساه وهو لى تجاه؛ هو أغلب علىّ، وأقرب إلىّ، من أن يرخى لى عنانى، أو يخلينى واختيارى، بعد اختلاطى بملكه، وانخراطى فى سلكه، وبعد أن ناط حبّه بقلبى نائط، وساطه بدمى سائط «٢» . وهو جار مجرى الرّوح فى الأعضاء، متنسم تنسّم روح الهواء؛ إن ذهبت عنه رجعت إليه، وإن هربت منه وقعت عليه، وما أحبّ السلوّ عنه مع هناته، وما أوثر الخلوّ منه مع ملاته؛ هذا على أنه إن أقبل علىّ بهتنى إقباله، وإن أعرض عنى لم يطرقنى خياله، يبعد عنى مثاله «٣» ، ويقرب من غيرى نواله، ويردّ عينى خاسئة، ويثنى يدى خالية، وقد بسط آفات العيون المقاربة، وصدق مرامى الظنون الكاذبة، وصله ينذر بصدّه، وقربه يؤذن ببعده، يدنى عند ما ينزح، ويأسو «٤» مثل ما يجرح، محالته أحوال «٥» ، وخلّته خلال، وحكمه سجال، الحسن فى عوارفه، والجمال من منائحه، والبهاء من أصوله وصفاته، والسّناء من نعوته وسماته، اسمه مطابق لمعناه، وفحواه موافق

<<  <  ج: ص:  >  >>