للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشاعر يظهر أنه يذهب لمعنى فيعن له آخر فيأتى به، كأنه على غير قصد، وعليه بناه، وإليه كان معزاه «١» ، وقد أكثر المحدثون منه فأحسنوا فى ذلك.

قال الأصمعى: كنت عند الرشيد فدخل عليه إسحاق بن إبراهيم الموصلى فقال: أنشدنى من شعرك، فأنشده:

وآمرة بالبخل قلت لها: اقصرى ... فليس إلى ما تأمرين سبيل

أرى الناس خلّان الجواد، ولا أرى ... بخيلا له فى العالمين خليل

ومن خير حالات الفتى لو علمته ... إذا نال شيئا أن يكون منيل

فعالى فعال المكثرين تجمّلا ... ومالى كما قد تعلمين قليل

وكيف أخاف الفقر أو أحرم الغنى ... ورأى أمير المؤمنين جميل

فقال الرشيد: يا فضل؛ أعطه عشرين ألف درهم. ثم قال: لله أبيات تأتينا بها يا إسحاق ما أتقن أصولها، وأبين فصولها. وأقل فضولها! فقال: والله يا أمير المؤمنين؛ لا قبلت منها درهما واحدا. قال: ولم؟ قال: لأن كلامك، والله، خير من شعرى. فقال: يا فضل؛ ادفع إليه أربعين ألفا. قال الأصمى: فعلمت أنه أصيد لدراهم الملوك منى.

ومن ذلك «٢» قول أبى تمام يصف فرسا:

وسابح هطل التّعداء هتّان ... على الجراء أمين عير خوّان

أظمى الفصوص ولم تظمأ قوائمه ... فخلّ عينيك فى ريّان ظمآن

فلو تراه مشيحا والحصى زيم ... بين السنابك من مثنى ووحدان

أيقنت- إن لم تثبّت- أنّ حافره ... من صخر تدمر أو من وجه عثمان

وقد احتذى البحترى هذا الحذو فى حمدويه الأحول، وكان حمدويه هذا عدوا للممدوح، فقال:

<<  <  ج: ص:  >  >>