للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرجل انتظار خروج أمر أمير المؤمنين بذلك، فقصد عمرو بن مسعدة وسأله إيصال رقعة إلى المأمون من ناحيته، فقال: اكتب بما شئت فإنى موصله، قال:

فتولّ ذلك عنى، حتى تكون لك نعمتان. فكتب عمرو:

إن رأى أمير المؤمنين أن يفكّ أسر عدته من ربقة المطل، بقضاء حاجة عبده، والإذن له بالانصراف إلى بلده، فعل موفّقا.

فلما قرأ المأمون الرقعة دعا عمرا، وجعل يعجب من حسن لفظها، وإيجاز المراد فيها، فقال له عمرو: فما نتيجتها يا أمير المؤمنين؟ قال: الكتابة له فى هذا الوقت بما سأل؛ لئلا يتأخّر فضل استحساننا كلامه، وبجائزة تنفى دناءة المطل.

ومن كلام عمرو بن مسعدة: أعظم الناس أجرا، وأنبههم ذكرا، من لم يرض بحياة العدل «١» فى دولته، وظهور الحجّة فى سلطانه، وإيصال المنافع إلى رعيّته فى حياته، حتى احتال فى تخليد ذلك فى الغابرين بعده، عناية بالدين، ورحمة بالرّعية، وكفاية لهم من ذلك ما لو عنوا باستنباطه لكان يعرض أحد الأمرين، إما الإكداء «٢» عن إصابة الحق فيه لكثرة ما يعرض من الالتباس، وإما إصابة الرأى بعد طول الفكر، ومقاساة التجارب، واستغلاق كثير من الطرق إلى دركه؛ وأسعد الرّغاة من دامت سعادة الحق فى أيامه، وبعد وفاته وانقراضه.

[[فضل الإيجاز]]

وقال رجل لسويد بن منجوف، وقد أطال الخطبة بكلام افتتحه للصلح بين قوم من العرب:

«يا هذا؛ أتيت مرعى غير مرعاك، أفلا أدلّك عليه؟ قال: نعم. قال:

<<  <  ج: ص:  >  >>