للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من ما صغى أسد؛ فذاد عن «١» القوم رائد النوم، وفتحت العيون إليه وقد حالت الأشجار دونه، وأصغيت فإذا هو يقول على إيقاع صوت الطّبل:

أدعو إلى الله فهل من مجيب ... إلى ذرّى رحب وعيش خصيب

وجنّة عالية ما تنى ... قطوفها دانية ما تغيب «٢»

يا قوم إنى رجل ثائب ... من بلد الكفر وأمرى عجيب «٣»

إن أك آمنت فكم ليلة ... جحدت فيها وعبدت الصّليب

يا ربّ خنزير تمشّشته ... ومسكر أحرزت منه النّصيب «٤»

ثمّ هدانى الله، وانتاشنى ... من زلّة الكفر اجتهاد المصيب «٥»

فظلت أخفى الدّين فى أسرتى ... وأعبد الله بقلب منيب

أسجد للّات حذار العدى ... ولا أجى الكعبة خوف الرقيب

وأسأل الله إذا جنّنى ... ليلى وأضنانى يوم عصيب

ربّ كما أنك أنقذتنى ... فنجّنى؛ إنى فيهم غريب

ثم اتّخذت الليل لى مركبا ... وما سوى العزم أمامى نجيب

وقدك من سيرى فى ليلة ... يكاد رأس الطفل فيها يشيب

حتى إذا ما جزت بحر العمى ... إلى حمى الدين نفضت الوجيب

وقلت إذ لاح شعار الهدى ... نصر من الله وفتح قريب

ولما بلغ هذا البيت قال: يا قوم؛ وطئت والله بلادكم بقلب لا العشق شاقه، ولا الفقر ساقه، وقد تركت وراء ظهرى حدائق وأعنابا، وكواعب أترابا، وخيلا مسوّمة، وقناطير مقنطرة، وعدّة وعديدا، ومراكب وعبيدا، وخرجت خروج الحيّة من جحره، وبرزت بروز الطائر من وكره، مؤثرا دينى على

<<  <  ج: ص:  >  >>