للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها ما يكون ابتداء، ومنها ما يكون جوابا، ومنها ما يكون سجعا، ومنها ما يكون خطبا، ومنها ما يكون رسائل؛ فغاية هذه الأبواب الوحى فيها والإشارة إلى المعنى؛ والإيجاز هو البلاغة، فأما الخطب فيما بين السّماطين «١» وفي إصلاح ذات البين، فالإكثار في غير خطل «٢» ، والإطالة في غير إملال، ولكن ليكن في صدر كلامك دليل على حاجتك، كما أنّ خير أبيات الشعر البيت الذى إذا سمعت صدره عرفت قافيته (كأنه يقول فرّق بين صدر خطبة النكاح وخطبة العيد وخطبة الصلح وخطبة التّواهب، حتى يكون لكل فنّ من ذلك صدر يدل على عجزه «٣» ) فإنه لا خير في كلام لا يدلّ على معناك، ولا يشير إلى مغزاك، وإلى العمود الذى إليه قصدت، والغرض الذى إليه نزعت.

فقيل له: فإن ملّ المستمع الإطالة التي ذكرت أنها أحقّ بذلك الموضع؟

قال: إذا أعطيت كلّ مقام حقّه، وقمت بالذى يجب من سياسة الكلام، وأرضيت من يعرف حقوق ذلك، فلا تهتم لما فاتك من رضا الحاسد والعدو؛ فإنهما لا يرضيان بشىء؛ فأما الجاهل فلست منه وليس منك، ورضا جميع الناس شىء لا ينال.

[[الإطالة والإيجاز]]

وقد مدحوا الإطالة في مكانها، كما مدحوا الإيجاز في مكانه. قال أبو داود [ابن جرير] فى خطباء إياد:

يرمون بالخطب الطوال، وتارة ... وحى الملاحظ خيفة الرقباء «٤»

قال أبو وجزة السعدى يصف كلام رجل:

<<  <  ج: ص:  >  >>