للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شرف التّجويد؛ ثم إياك أن تعدل بالسلامة شيئا، فقليل كاف خير لك من كثير غير شاف.

وكان جعفر بن يحيى يقول لكتّابه: إن استطعتم أن يكون كلامكم كلّه مثل التوقيع فافعلوا.

وقال ثمامة بن أشرس: لم أرقط أنطق من جعفر بن يحيى بن خالد، وكان صاحب إيجاز.

وكان أبو وائلة إياس بن معاوية- على تقدّمه في البلاغة، وفضل عقله وعلمه- بالإكثار معيبا، وإلى التطويل منسوبا، وقال له عبد الله بن شبرمة: أنا وأنت لا نتفق، أنت لا تشتهى أن تسكت، وأنا لا أشتهى أن أسمع. وقيل له:

ما فيك عيب إلا كثرة كلامك، قال: أفتسمعون صوابا أم خطأ؟ قالوا: بل صوابا، قال: فالزيادة في الخير خير.

قال الجاحظ: وليس كما قال، بل للكلام غاية، ولنشاط السامعين نهاية، وما فضل عن مقدار الاحتمال، ودعا إلى الاستثقال والكلال؛ فذلك هو الفضال «١» والهذر والخطل والإسهاب الذى سمعت الخطباء يعيبونه.

وذكر الأصمعى أن ابن هبيرة لما أراد إياسا على القضاء قال: إنى والله لا أصلح له، قال: وكيف ذلك؟ قال: لأنّى دميم حديد، ولأنى عيىّ، قال ابن هبيرة: أما الحدّة فإن السّوط يقوّمك؛ وأما العىّ فقد عبّرت عما تريد؛ وأما الدّمامة فإنى لا أريد أن أحاسن بك.

ولم يصفه أحد بالعىّ، وإنما كان يعاب بالإكثار، ولكنه أراد المدافعة عن نفسه والحديث ذو شجون «٢» .

<<  <  ج: ص:  >  >>