للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى العتبى عن أبيه عن مولى لعمرو بن حريث قال: شخصت إلى سليمان ابن عبد الملك، فقيل لى: إنك ترد على أفصح العرب، وسيسألك عن المطر، فانظر ما تجيبه، فقلت: ما عندى من الجواب إلّا ما عند العامّة، فقيل لى: ما ذلك بمقنع عنده، فلقينى أعرابى فقلت: هل لك في درهمين؟ فقال: إنّى والله محتاج إليهما، حريص عليهما، فما شأنك؟ فقلت: لو سألك سائل عن هذا المطر بم كنت تجيبه؟ قال. أو يعيا بهذا أحد؟ قلت: نعم، سائلك! قال: أتعيا أن تقول: أصابتنا سماء، عمد لها الثّرى، واتّصل بها العرى، وقامت منها الغدر، وأتتك في مثل وجار الضّبع، فكتبت الكلام، وأعطيته درهمين؛ فكان هجّيراى على الرّاحلة «١» ؛ فإذا نزلت أقبلت عليه وأمثل نفسى كأنى واقف بين يديه، وقد سلّمت عليه بالخلافة وهو يسألنى عن المطر! فلما انتهيت إليه سألنى فاقتصصت الكلام، فكسر إحدى عينيه، وقال:

إنى لأسمع كلاما ما أنت بأبى عذرته «٢» . قلت: صدقت! وحياتك يا أمير المؤمنين اشتريته بدرهمين! فاستغرب ضحكا، ثم أحسن صلتى.

وقال أعرابى يمدح رجلا:

حليم مع التّقوى، شجاع مع الجدا ... ندحين لا يندى السّحاب سكوب

ويجل أمورا لو تصيّفن غيره ... لمات خفاتا أو لكاد يذوب

شديد مناط القلب في الموقف الذى ... به لقلوب العالمين وجيب

فتى هو من غير التخلّق ماجد ... ومن غير تأديب الرّجال أديب

وقال بعض المحدثين يمدح:

<<  <  ج: ص:  >  >>