للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم ينظر لك علينا، فقد تعرّضت للشهادة بجهدك، إلّا أن الله علم حاجة أهل الإسلام إليك، فأبقاك لهم بخذلان من معك. فصدر الناس عن كلامه.

[ويتعلق بهذه المقامة فصل في غرائب التكاتب]

كتب حمدون بن نهران إلى عامل عزل عن عمله:

بلغنى أعزّك الله انصرافك عن عملك، ورجوعك إلى منزلك؛ فسررت بذلك، ولم أستفظعه وأجزع له؛ لعلمى بأنّ قدرك أجلّ وأعلى من أن يرفعك عمل تتولّاه، أو يضعك عزل عنه؛ وو الله لو لم تختر الانصراف وترد الاعتزال لكان في لطف تدبيرك، وثقوب رويّتك، وحسن تأتّيك، ما تزيل به السبب الداعى إلى عزلك، والباعث على صرفك؛ ونحن إلى أن نهنئك بهذه الحال أولى بنامن أن تعزّيك؛ إذ أردت الانصراف فأوتيته، وأحببت الاعتزال فأعطيته، فبارك الله لك في منقلبك، وهنّاك النعم بدوامها، ورزقك الشّكر الموجب لها الزائد فيها.

وكتب ابن مكرم إلى نصرانى أسلم:

أمّا بعد فالحمد لله الذى وفّقك لشكره، وعرّفك هدايته، وطهّر من الارتياب قلبك، وما زالت مخايلك ممّثلة لنا حقيقة ما وهب الله فيك، حتى كأنّك لم تزل بالإسلام موسوما، وإن كنت على غيره مقيما، وكنا مؤمّلين لما صرت إليه، مشفقين مما كنت عليه، حتى إذا كاد إشفاقنا أن يستعلى رجاءنا أنت السعادة بما لم تزل الأنفس تعدّ منك؛ فأسأل الله الذى أضاء لك سبيل رشدك أن يوفّقك لصالح العمل، وأن يؤتيك في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة، ويقيك عذاب النار.

قال بعض الكتاب: من الحقّ ما يستحسن تركه، ويستهجن عمله، وقد يقع من ذلك فيما يحلّه الشرع، ويكرهه الأدباء؛ وكثير ممن يغلب على طبعه هذا المعنى يراه سموّ نفس، وعلوّ همة، حتى رأينا من لا يحضر تزويج

<<  <  ج: ص:  >  >>