للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما أجلسك هاهنا؟ قال: أهلكنى وأهلى الجوع، فنصبت حبائلى لأصيب لهم ولنفسى ما يكفينا سحابة يومنا، قلت: أرأيت إن أقمت معك فأصبنا صيدا، أتجعل لى منه جزءا؟ قال: نعم، فبينما نحن كذلك إذ وقعت ظبية، فخرجنا مبتدرين، فأسرع إليها فحلّها وأطلقها؛ فقلت: ما حملك على هذا؟ قال:

دخلتنى لها رقّة لشبهها بليلى، وأنشأ يقول:

أيا شبه ليلى لا تراعى فإنّنى ... لك اليوم من وحشيّة لصديق

أقول وقد أطلقتها من وثاقها ... لأنت- لليلى- ما حييت طليق

وروى الكلبى وابن دأب أنه لمّا حلّها قال:

اذهبى في كلاءة الرّحمن ... أنت منى في ذمّة وأمان

لا تخافى بأن تهاجى بسوء ... ما تغنّى الحمام في الأغصان

ترهبينى والجيد منك لليلى ... والحشا والبغام والعينان؟

وقال قيس بن الملوّح:

راحوا يصيدون الظّباء وإننى ... لأرى تصيّدها علىّ حراما

أشبهن منك محاجرا وسوالفا ... فأرى علىّ لها بذاك ذماما

أعزز علىّ بأن أروع شبيهها ... أو أن يذقن على يدىّ حماما

ومن جيد شعر كثيّر:

وكانت لقطع الحبل بينى وبينها ... كناذرة نذرا فأوفت وحلّت

فقلت لها: يا عزّ كلّ مصيبة ... إذا وطّنت يوما لها النّفس ذلّت

ولم يلق إنسان من الحبّ ميعه ... تعمّ ولا غمّاء إلّا تجلّت

أباحت حمى لم يرعه الناس قبلها ... وحلّت تلاعا لم تكن قبل حلّت

هنيئا مريئا غير داء مخامر ... لعزّة من أعراضنا ما استحلّت

أسيئى بنا أو أحسنى لا ملومة ... لدينا ولا مقليّة إن تقلّت

وو الله ما قاربت إلا تباعدت ... بهجر، ولا استكثرت إلّا أقلت

<<  <  ج: ص:  >  >>