للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوسائل أقدام ذوى الحاجات، والشفاعات مفاتيح الطّلبات العفو عن المجرم من موجبات الكرم، وقبول المعذرة من محاسن الشّيم. وبالقوادم والخوافى قوّة النجاح، وبالأسنة والعوالى عمل الرماح. الدنيا دار تغرير وخداع، وملتقى ساعة لوداع، والناس متصرّفون بين كل ورد وصدر، وصائرون خبرا بعد أثر. غاية كل متحرّك إلى سكون، ونهاية كل متكون ألّا يكون، وآخر الأحياء فناء، والجزع على الأموات عناء، وإذا كان ذلك كذلك، فلم التهالك على الهالك؟. حشو الدهر أحزان وهموم، وصفوه من غير كدر معدوم. إذا سمح الدهر بالحباء، فأبشر بوشك الانقضاء، وإذا أعار، فأحسبه قد أغار. الدهر طعمان حلو ومرّ، والأيام ضربان عسر ويسر. لكل شىء غاية ومنتهى، وانقطاع وإن بلغ المدى. ترك الجواب، داعية الارتياب، والحاجة إلى الاقتضاء، كسوف في وجه الرجاء. همّ المنتظر للجواب ثقيل، والمدى فيه وإن كان قصيرا طويل.

النجيب إذا جرى لم يشقّ غباره، وإذا سرى لم تلحق آثاره. ومن أين للضباب صوب السحاب، وللغراب هوىّ العقاب، وهيهات أن تكتسب الأرض لطافة الهواء، ويصير البدر كالشمس في الضياء.

وقد ترجم عن شمس المعالى أبو منصور الثعالبى في كتاب ألّفه له؛ قال في أوله: أمّا على أثر حمد الله الذى هو أوّل كتابه، وآخر دعوى ساكنى دار ثوابه، والصلاة على خيرته من بريّته، وعلى الصّفوة من ذرّيته، فإنّ خير الكلام ما شغل بخدمة من جمع الله له عزّة الملك إلى بسطة العلم، ونور الحكمة إلى نفوذ الحكم، وجعله مميّزا على ملوك العصر، ومدبّرى الأرض وولاة الأمر، بخصائص من العدل، وجلائل من الفضل، ودقائق من الكرم المحض، لا يدخل أيسرها تحت العادات، ولا يدرك أقلّها بالعبارات؛ ومحاسن [سير] الأنام «١» ، تحرسها أسنّة الأقلام، وتدرسها ألسنة الليالى والأيام، وهذه صفة تغنى

<<  <  ج: ص:  >  >>