للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بطلعته؛ وقد وصلت تحيّته فشكرتها، وعدته الجميلة بالحضور غدا فانتظرتها؛ ودعوت الله أن يطوى ساعات النهار، ويزجّ الشمس في المغار، ويقرّب مسافة الفلك الدّوّار، ويرفع البركة من سيره، ويجهز الحركة إلى دوره؛ ويسرّنى بوفد الظلام وقد نزل، ثم لم يلبث إلّا ريثما رحل؛ وقد بعثت بما طلب سمعا لأمره وطاعة، والنسخة أسقم من أجفان الغضبان، والشيخ سيدى- أدام الله عزّه- يركض قلمه في إصلاحها، وحبّذا هو في غد، وقد طلع كالصبح إذا سطع، والبرق إذا لمع:

يا مرحبا بغد ويا أهلا به ... إن كان إلمام الأحبّة في غد

وله إلى أبى الطيب سهل بن محمد يسأله أن يصله بأبى إبراهيم إسماعيل بن أحمد:

لو كان للكرم عن جناب الشيخ منصرف لانصرفت، أو للأمل منحرف إلى سواه لا نحرفت، أو للنّجح باب سواه لولجت، أو للفضل خاطب غيره لزوّجت، ولكن أبى الله أن يعقد إلا عليه الخنصر، أو يتحلّى إلا بفواضله الدهر، ولا يزال كذا يتّسم المجد بسمته، ويجذب العلاء بهمّته، ويسعد الدين بنظره، والدنيا بجماله، وغلامه أنا لو استعار الدّهر لسانا، واتّخذ الريح ترجمانا، ليشيع إنعامه حق الإشاعة، لقصرت به يد الاستطاعة، فليس إلا أن يلبس مكارمه صافية سابغة، ويرد مشارعه صافية سائغة، ويحيل الجزاء على يد قصور، والشكر على لسان قصير؛ ثم إنّ حاجاتى، إذا لم يعر من قلائد المجد نحرها، ولم يعطل من حلى المجد صدرها، كبر مهرها، وعزّ كفؤها، ولم أجد لها إلا واحدا أخضر الجلدة فى بيت العرب، أو ماجدا يملأ الدّلو إلى عقد الكرب «١» . وهذه حاجة أنا أزفّها إلى الشيخ الإمام حرص الله مهجته، وأسوقها منظومة من الصّدر إلى العجز، كما يساق الماء إلى الأرض الجرز «٢» ؛ وأنا من مفتتح اليوم إلى مختتمه، ومن

<<  <  ج: ص:  >  >>