للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم يغذّ به «١» ولم يعرفه، ثم يذكر محاسن الأخلاق ومساويها، ويمدح ويهجو، ويذمّ ويعاتب، ويشبّب ويقول ما يكتب عنه، ويروى له، ويبقى عليه.

وقال بعض الأعراب:

وإنى لأهدى بالأوانس كالدّمى ... وإنى بأطراف القنا للعوب «٢»

وإنى على ما كان من عنجهيّتى ... ولوثة أعرابيتى لأديب «٣»

كأنّ الأدب غريب من الأعراب، فافتخر بما عنده منه.

وقال الطائى في فطنتهم، يستعطف مالك بن طوق على قومه بنى تغلب:

لارقة الحضر اللّطيف غذتهم ... وتباعدوا عن فطنة الأعراب

فإذا كشفتهم وجدت لديهم ... كرم النفوس وقلة الآداب

ووصف أعرابى رجلا فقال: هو أطهر من الماء، وأرقّ طباعا من الهواء، وأمضى من السيل، واهدى من النّجم.

ووصف أعرابىّ رجلا فقال: ذاك والله من ينفع سلمه، ويتواصف حلمه، ولا يستمر أظلمه.

وقال أعرابى: جلست إلى قوم من أهل بغداد فما رأيت أرجح من أحلامهم، ولا أطيش من أقلامهم.

وذكر أعرابى من بنى كلاب رجلا فقال: كان والله الفهم منه ذا أذنين، والجواب ذا لسانين؛ ولم أر أحدا أرتق لخلل رأى، ولا ابعد مسافة روّبة، ومراد طرف منه؛ إنما كان يرمى بهمّته حيث أشار إليه الكرم، وما زال يتحسّى مرارة أخلاق الإخوان، ويسقيهم عذوبة أخلاقه.

وذكر أعرابىّ رجلا فقال: والله لكأنّ القلوب والألسن ريضت له، فما تعقد إلا على ودّه، ولا تنطق إلّا بحمده.

<<  <  ج: ص:  >  >>