للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الحسن بن وهب لرجل رآه يعبس عند الشراب: ما أنصفتها، تضحك فى وجهك، وتعبس في وجهها.

وقال الطائى:

إذا ذاقها، وهي الحياة، رأيته ... يعبّس تعبيس المقدّم للقتل

وقد أحسن الشيخ صدر الدين حيث قال:

وأن أقطّب وجهى حين تبسم لى ... فعند بسط الموالى يحفظ الأدب

وترك رجل النبيذ، فقيل له: لم تركته، وهو رسول السرور إلى القلب؟

قال: ولكنه رسول بأس يبعث إلى الجوف فيذهب إلى الرأس.

وقيل لبعضهم: ما أصبّك بالخمر! فقال: إنها تسرج في يدى بنورها، وفي قلبى بسرورها كأنّ الناشىء نظر إلى هذا الكلام فقال:

راح إذا علت الأكفّ كئوسها ... فكأنها من دونها في الرّاح «١»

وكأنما الكاسات مما حولها ... من نورها يسبحن في ضحضاح «٢»

لو بثّ في غسق الظلام ضياؤها ... طلع المساء بغرّة الإصباح

نفضت على الأجسام ناصع لونها ... وسرت بلذّتها إلى الأرواح

البيت الأول كقول البحترى:

يخفى الزجاجة ضوءها، فكأنها ... فى الكفّ قائمة بغير إناء «٣»

وللناشىء في هذا المعنى:

ومدامة يخفى النهار لنورها ... ونذلّ أكناف الدّجا لضيائها

صبّت فأحدق نورها بزجاجها ... فكأنها جعلت إناء إنائها

وترى إذا صبّت بدت في كأسها ... متقاصر الأرجاء عن أرجائها

وتكاد إن مزجت لرقّة لونها ... تمتاز عند مزاجها من مائها

صفراء تضحى الشمس، إن قيست بها ... فى ضوئها، كاللّيل، فى أضوائها

<<  <  ج: ص:  >  >>