للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ناطقة. ونحن بين بدور، وكاسات تدور، وبروق راح، وشموس أقداح. قد نشأت غمامة النّدّ، على بساط الورد. مجلس قد تفتّحت فيه عيون النرجس، وفاحت مجامير الأترجّ، وفتقت فارات النّارنج، ونطقت ألسن العيدان، وقامت خطباء الأوتار، وهبّت رياح الأقداح، وطلعت كواكب النّدمان، وامتدت سماء النّدّ. مجلس من رآه حسب الجنان قد اصطفّت عيونها، فجعلت فى قدر من الأرض، وتخيّرت فصوصها، فنقلت إلى مجلس الأنس واللهو.

قد فضّ اللهو ختامه، ونشر الأنس أعلامه. قد هبّت للأنس ريح برقها الراح، وسحابها الأقداح، ورعودها الأوتار، ورياضها الأقمار. قد فرغنا للهو والدهر عنا فى شغل.

جلّ هذا من قول بعض أهل العصر:

كم جوى مثّله رسم مثل ... ودم قد طلّ أثناء طلل

ولآل كلّل الخدّ بها ... لعب البين بربّات الكلل

حبذا عيش الليالى باللّوى ... لو تجافى الدّهر عنّا وغفل

إذ فرغنا فيه للهو وقد ... باتت الأقدار عنّا في شغل

وأدرنا ذهبا في لهب ... كلما أخمد بالماء اشتعل

قد اقتعدنا غارب الأنس، وجرينا في ميدان اللهو. عمدنا إلى أقداح اللهو فأجلناها، ولمراكب السرور فامتطيناها. قد امتطينا غوارب السرور بالأقداح. مدامة توردريح الورد، وتحكى نار إبراهيم في اللّون والبرد، ولست أدرى أشقيق أم عقيق، أم رحيق أم حريق. راح كأنّ الدّيوك صبّت أحداقها فيها. راح كأنما اشتقّت من الرّوح والراحة.

قال ابن الرومى:

والله ما ندرى لأيّة علّه ... يدعونها في الرّاح باسم الرّاح

ألريحها أم روحها تحت الحشى ... أم لارتياح نديمها المرتاح

<<  <  ج: ص:  >  >>