للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لثام، لا تميطه الأعلام. قلت: فما الطعمة؟ قال: أجوب جيوب البلاد، حتى أقع على جفنة جواد، ولى فؤاد يخدمه لسان، وبيان يرقمه بنان، وقصاراي كريم ينفض إلىّ حقيبته، ويخفّف لى جنيبته، كابن حرّة طلع إلىّ بالأمس، طلوع الشمس «١» ، وغرب عنى بغروبها؛ لكنه غاب ولم يغب تذكاره، وودّع وشيّعتنى آثاره، ولا ينبئك عنها أقرب منها، وأومأ إلى ما كان يلبسه، فقلت: شحاذ وربّ الكعبه أخاذ، له فى الصّنعة نفاذ، بل هو فيها أستاذ، ولا بد أن ترشح له وتسحّ عليه، وقلت له: يافتى، قد أجليت عبارتك، فأين شعرك من كلامك؟ فقال: وأين كلامى من شعرى! ثم استمدّ غريزته، ورفع عقيرته، بصوت ملأ الوادى، وأنشأ يقول:

وأروع أهداه لى الليل والفلا ... وخمس تمسّ الأرض لكن كلا ولا «٢»

عرضت على نار المكارم عوده ... فكان معمّا فى السوابق مخولا

وخادعته عن ماله فخدعته ... وساهلته فى برّه فتسهّلا

ولما تجالينا وأحمد منطقى ... بلانى فى نظم القريض بمابلا «٣»

فما هزّ إلا صارما حين هزّنى ... ولم يلقنى إلا إلى السّبق أوّلا

فلم أره إلا أغرّ محجّبا ... وما تحته إلا أغرّ محجّلا

فقلت: على رسلك يا فتى، ولك مما يصحبنى حكمك. فقال: الجنيبة، قلت: إنّ «٤» وما عليها. ثم قبضت بجمعى عليه، وقلت: لا والله الذى ألهمها لمسا، وشقّها من واحدة خمسا، لا تزايلنا أو نعلم علمك، فحدر لثامه عن وجهه، فإذا والله شيخنا أبو الفتح الإسكندرى، فما لبثت أن قلت:

توشّحت أبا الفتح ... بهذا السيف مختالا

<<  <  ج: ص:  >  >>