للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن أكون عندك من المنسوبين إلى نزق السفهاء، ومجانبة سبل الحكماء، وبعد، فقد قال عبد الرحمن بن حسان بن ثابت:

وإن امرأ أمسى وأصبح سالما ... من الناس إلا ما جنى لسعيد

وقال الآخر:

ومن دعا الناس إلى ذمّه ... ذمّوه بالحقّ وبالباطل

فإن كنت اجترأت عليك- أصلحك الله! - فلم اجترئ إلا لأنّ دوام تغافلك عنى شبيه بالإهمال، الذى يورث الإغفال، والعفو المتتابع يؤمن من المكافأة، ولذلك قال عيينة بن حصن بن حذيفة لعثمان رحمه الله: عمر كان خيرا لى منك، أرهبنى فأتقانى، وأعطانى فأغنانى، فإن كنت لا تهب عقابى- أيدك الله! - لخدمة فهبه لأياديك عندى؛ فإنّ النعمة تشفع في النّقمة، وإلا تفعل ذلك لذلك فعد إلى حسن العادة، وإلّا فافعل ذلك لحسن الأحدوثة؛ وإلافات ما أنت أهله من العفو دون ما أنا أهله من استحقاق العقوبة، فسبحان من جعلك تعفو عن المتعمّد، و؟؟؟ من؟؟؟ المصر، حتى إذا صرت إلى من هفوته ذكر، وذنبه نسيان، ومن لا يعرف الشكر إلّا لك، والإنعام إلا منك هجمت عليه بالعقوبة. واعلم- أيّدك الله! - أنّ شين غضبك علىّ كزين صفحك عنى، وأنّ موت ذكرى مع انقطاع سببى منك كحياة ذكرك مع اتصال سببى بك، واعلم أنّ لك فطنة عليم، وغفلة كريم، والسلام.

[من كلام على- رضي الله عنه! - فى أعجب ما في الإنسان]

قال علىّ بن أبى طالب رضي الله عنه: أعجب ما في الإنسان قلبه، وله موادّ من الحكمة، وأضداد من خلافها؛ فإن سنح له الرجاء أذلّه الطمع، وإن هاجه الطّمع أهلكه الحرص، وإن ملكه اليأس قتله الأسف، وإن عرض له الغضب اشتدّ به الغيظ، وإن أسعد بالرضا نسى التحفظ، وإن أتاه الخوف

<<  <  ج: ص:  >  >>