للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بابتذاله، ولا يفعل ذلك إلا بأن أسمح به؛ ألا ترى ذا الغنى؛ ما أدوم نصبه «١» ، وأقلّ راحته، وأخسّ من ماله حظّه، وأشدّ من الأيام حذره، وأغرى الدهر بثلبه ونقصه، ثم هو بين سلطان يرعاه، وذوى حقوق يسبّونه، وأكفاء ينافسونه، وولد يريدون فراقه، قد بعث عليه الغنى من سلطانه العناء، ومن أكفائه الحسد، ومن أعدائه البغى، ومن ذوى الحقوق الذمّ، ومن الولد الملال، وذو البلغة قنع فدام له السرور، ورفض الدنيا فسلم من المحذور، ورضى بالكفاف فتنكّبته الحقوق.

[[أفكار الوراقين]]

قال الصولى أنشدنى محمد بن أحمد بن إسحاق:

أدمى البكا جفنىّ والمآقى ... فظلت ذا همّ وذا احتراق

ما إن أرى في الأرض والآفاق ... أدنى ولا أشقى من الورّاق

إذا أتى فى القمص الأخلاق ... رأيته مطيرة العشّاق «٢»

يفرح بالأقلام والأوراق ... كفرحة الجندى بالأرزاق

وقال بعض الوراقين:

إذا كنت بالليل لا أكتب ... وطول النهار أنا ألعب

فطورا يبّطلنى مأكل ... وطورا يبّطلنى مشرب

فإن دام هذا على ما أرى ... فبيتى أوّل ما يخرب

وقيل لورّاق: ما تشتهى؟ فقال: قلما مشّاقا، وحبرا برّاقا، وجلودا رقاقا.

وكل امرىء فأمنبته على ما يطابق غريزته، ويوافق نحيزته «٣» .

<<  <  ج: ص:  >  >>