للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال العاصر: مداد ناسب خافية الغراب، واستعار لونه من شرخ الشباب، وأقلام جمّة المحاسن، بعيدة من المطاعن، تعاصى الكاسى، وتمانع الغامز القاسى. أنابيب ناسبت رماح الخطّ في أجناسها، وشاكلت الذهب في ألوانها، وضاهت الحديد في لمعانها؛ كأنها الأميال استواء، والآجال مضاء، بطيئة الحفى، قوية القوى، لا يشظّيها «١» القطّ، ولا يتشعّب بها الخطّ. أقلام بحرية موشيّة اللّيط «٢» ، رائقة التخطيط. قلم معتدل الكعوب، طويل الأنبوب، باسق الفروع، روىّ الينيوع، هو أولى باليد من البنان، وأخفى للسر من اللّسان.

هو للأنامل مطيّة، وعلى الكتابة معونة مرضيّة. نعم العدّة القلم: يقلم أظافر الدّهر، ويملك الأقاليم بالنّهى والأمر، إن أردت كان مسجونا لا يملّ الإسار، وإن شئت كان جوادا جاريا لا يعرف العثار، لا ينبو إذا نبت الصّفاح «٣» ، ولا يحجم إذا أحجمت الرّماح.

قال أبو الفتح كشاجم، يصف محبرة ومقلمة وأقلاما وسكينا:

جسمى من اللهو وآلات الطّرب ... ومن عتاد وثراء ونشب

ومن مدام ومثان تصطحب ... وهمة طمّاحة إلى الرّتب

مجالس مصونة من الرّيب ... معمورة من كلّ علم وأدب

تكاد من حرّ الحديث تلتهب ... شعرا وأخبارا ونحوا يقتضب

ولغة تجمع ألفاظ العرب ... وفقرا كالوعد فى قلب المحبّ

أو كتأتّى الرزق من غير طلب ... أجل، وحسبى من دوىّ تنّتخب

محلّيات بلجين وذهب ... محبرة يزهى بها الحبر الألبّ «٤»

مثقوبة آذانها، وفي الثّقب ... مثل شنوف الخرّد البيض العرب «٥»

<<  <  ج: ص:  >  >>