للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إى والله، فقال: أخصب الله رائدك، ولا أضلّ قائدك، فمتى عزمت؟ فقلت:

غداة غد، فقال:

صباح الله لا صبح انطلاق ... وطير الوصل لا طير الفراق

قال: أين تريد؟ قلت: الوطن، قال: بلّغت الوطن، وقضيت الوطر، فمتى العود؟ قلت: القابل، قال: طويت الرّيط «١» ، وثنيت الخيط، فأبن أنت من الكرم؟ قلت: بحيث أردت، قال: إذا رجعك الله من هذه الطريق، فاستصحب لى عدوّا في بردة صديق، من نجار الصّفر، يدعو إلى الكفر، ويرقص على الظّفر، كدارة العين، يحطّ ثقل الدّين، وينافق بوجهين! فعلمت أنه يلتمس دينارا، قلت: لك ذلك نقدا، ومثله وعدا، فأنشأ يقول:

رأيك ممّا خطبت أعلى ... لا زلت للمكرمات أهلا

صلبت عودا وفقت جودا ... وطبت فرعا وطبت أصلا

لا أستطيع العطاء حملا ... ولا أطيق السؤال ثقلا

قصرت عن منتهاك ظنّا ... وطلت عما ظننت فعلا

يا رحمة الله والمعالى ... لا لقى الدّهر منك ثكلا «٢»

قال عيسى بن هشام: فنلته الدينار، وقلت: من أين نبت هذا الفضل؟

قال: نمتنى قريش، ومهد لى الشرف في بطحائها. فقال بعض من حضر:

ألست أبا الفتح السكندرى؟ ألم أرك بالعراق، تطوف بالأسواق، مكدّيا بالأوراق «٣» ؟ فأنشأ يقول:

<<  <  ج: ص:  >  >>