للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وله رقعة إلى أبى على بن مشكويه أولها:

ويا عزّ إن واش وشى بى عندكم ... فلا تمهليه أن تقولى له: مهلا

كما لو وشى واش بعزّة عندنا ... لقلنا: تزحزح لا قريبا ولا أهلا

بلغنى أطال الله بقاء الشيخ أن قيضة كلب «١» وافته بأحاديث لم يعرها ألحقّ نوره، ولا الصدق ظهوره، وأنه- أدام الله عزّه- أذن لها على مجال أذنه، وفسح لها فناء ظنّه، ومعاذ الله أن أقولها، وأستجيز معقولها؛ بل قد كان بينى وبين الشيخ عتاب لا ينزل كنفه ولا يجدف، وحديث لا يتعدّى النفس وضميرها، ولا يعرف الشفة وسميرها، وعربدة كعربدة أهل الفضل، لا تتجاوز الدّلال والإدلال، ووحشة لا يكشقها عتاب لحظة، كعتاب جحظة، فسبحان من ربّى هذا الأمر حتى صار أمرا، وتأبّط شرّا، وأوجب عذرا، وأوحش حرّا.

وسبحان من جعلنى في حيّز العدو أشيم بارقته، وأتخوّف صاعقته، وأنا المساء إليه، والمجنىّ عليه، ولكن من بلى من الأعداء بمثل ما بليت، ورمى من الحسد بما رميت، ووقف من التوحّد والوحدة حيث وقفت، واجتمع عليه من المكاره ما وصفت، اعتذر مظلوما، وضحك مشتوما، ولو علم الشيخ عدد أولاد الجدد، وأبناء العدد، بهذا البلد، ممن ليس له همّ إلا في سعاية أو شكاية أو حكاية أو نكاية، لضنّ بعشرة غريب إذا بدر، وبعيد إذا حضر، ولصان مجلسه عمن لا يصونه عما رقى إليه، وهبنى قد قلت ما حكى، أليس الشّاتم من أسمع، والجانى من أبلغ؟ فقد بلغ من كيد هؤلاء القوم أنهم حين صادفوا من الأستاذ نفسا لا تستفزّ، وجبلالا يهزّ، وشوا إلى خدمه بما أرّثوا نارهم «٢» ، وورد علىّ ما قالوه فما لبثت أن قلت:

فإن تك حرب بين قومى وقومها ... فإنى لها في كلّ نائبة سلم

<<  <  ج: ص:  >  >>