للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[[الأقلام]]

أهدى بعض الكتّاب إلى أخ له أقلاما وكتب إليه: إنه- أطال الله بقاءك! - لما كانت الكتابة قوام الخلافة، وقرينة الرياسة، وعمود المملكة، وأعظم الأمور الجليلة قدرا، وأعلاها خطرا، أحببت أن أتحفك من آلاتها بما يحفّ عليك محمله، وتثقل قيمته، ويكثر نفعه؛ فبعثت إليك أقلاما من القصب النابت فى الأعذاء «١» ، المغذوّ بماء السماء، كاللآلى المكنونة فى الصّدف، والأنوار المحجوبة بالسّدف، تنبو عن تأثير الأسنان، ولا يثنيها غمز البنان، قد كستها طباعها جوهرا كالوشى المحبّر، وفرند الديباج المنيّر، فهى كما قال الكميت:

وبيض رقاق صحاح المتو ... ن تسمع للبيض فيها صريرا

مهنّدة من عتاد الملوك ... يكاد سناهنّ يعشى البصيرا

وكقبح النبل فى ثقل أوزانها، وقضب الخيزران فى اعتدالها، ووشيج الخطّ فى اطّرادها، تمرّ فى القراطيس كالبرق اللائح، وتجرى فى الصحف كالماء السائح، أحسن من العقيان، فى نحور القيان.

وكتب عبيد الله بن طاهر إلى إسحاق بن إبراهيم من خراسان إلى بغداد يسأله أن يوجّه إليه بأقلام قصبيّة: أما بعد، فإنّا على طول الممارسة لهذه الصناعة التى غلبت على الاسم، ولزمت لزوم الوسم، فحلّت محل الأنساب، وجرت مجرى الألقاب- وجدنا الأقلام القصبيّة أسرع فى الكواغد، وأمرّ فى الجلود، كما أن البحرية منها أسلس فى القراطيس، وألين فى المعاطف، وأكلّ عن طريقها؟؟؟، والتعلق بما ينبو من شظاياها. ونحن فى بلاد قليلة القصب، ردىء ما يوجد

<<  <  ج: ص:  >  >>