للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولى وطن آليت ألّا أبيعه ... وألّا أرى غيرى له الدهر مالكا

عهدت به شرخ الشباب ونعمة ... كنعمة قوم أصبحوا فى ظلالكا

وحبّب أوطان الرجال إليهم ... مآرب قضّاها الشباب هنالكا

إذا ذكروا أوطانهم ذكّرتهم ... عهود الصّبا فيها فخنّوا لذلكا

فقد ألفته النفس حتى كأنه ... لها جسد إن بان غودر هالكا

يقول له فيها:

وقد عزّنى فيها لئيم وسامنى ... فقال لى اجهد فىّ جهد احتيالكا «١»

وما هو إلا نسجك الشّعر ضلّة ... وما الشعر إلّا ضلة من ضلالكا

بصير بتسآل الملوك، ولم يكن ... بعار على الأحرار مثل سؤالكا

وإنى وإن أضحى مدلّا بماله ... لآمل أن أضحى مدلّا بمالكا

فإن لم تصبنى من يمينك نعمة ... فلا نخطئنه نقمة من شمالكا

فكم لقى العافون بدءا وعودة ... نوالك والعادون مر نكالكا

وقال على بن عبد الكريم النصيبى: أتانى أبو الحسن بن الرومى بقصيدته هذه، وقال: أنصفنى، وقل الحق: أيهما أحسن قولى فى الوطن أو قول الأعرابى:

أحبّ بلاد الله ما بين منعج ... إلىّ وسلمى أن يصوب سحابها

بلاد بها نيطت علىّ تمائمى ... وأوّل أرض مسّ جلدى ترابها «٢»

فقلت: بل قولك؛ لأنه ذكر الوطن ومحبّته، وأنت ذكرت العلة التى أوجبت ذلك.

وقال ابن الرومى أيضا يتشوّق إلى بغداد، وقد طال مقامه بسرّ من رأى:

بلد صحبت به الشبيبة والصبا ... ولبست ثوب العيش وهو جديد

فإذا تمثل فى الضمير رأيته ... وعليه أغصان الشباب تميد «٣»

<<  <  ج: ص:  >  >>