للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما فيه من سوء المغبّة سلط على نفسه لسان العذل، وضيع الحزم. فقالت المعذولة؛ ليس أمر الهوى إلى الرأى فيملكه، ولا إلى العقل فيدبره، وهو أغلب قدرة، وأمنع جانبا من أن تنفذ فيه حيلة الحازم، أو ما سمعت قول الشاعر:

ليس خطب الهوى بخطب يسير ... لا ينّبيك عنه مثل خبير

ليس أمر الهوى يدبّر بالرّأ ... ى ولا بالقياس والتفكير

إنما الأمر فى الهوى خطرات ... محدثات الأمور بعد الأمور

قال المرزبانى: أخبرنى الصولى أنّ هذه الأبيات لعلية بنت المهدى، ولها فيها لحن.

وقيل لعبد الله بن المقفع: ما بال العاقل المميز الذهن، واللبيب الفطن، يتعرض للحب وقد رأى منه مواضع الهلكة، ومصارع التّلف، وعلم ما يؤول «١» إليه عقباه، وترجع به أخراه على أولاه؟ فقال: زخرف «٢» ظاهر العشق بجمال زينة يستدعى القلوب إلى ملامسته، وملّى بعاجل حلاوة يطّبى «٣» النفوس إلى ملابسته، كظاهر زخرف الدنيا، وبهاء رونقها، ولذيذ جنى ثمرها، وقد سكرت أبصار قلوب أبنائها عن النظر إلى قبيح عيوب أفعالها، فهم فى بلائها منغمسون، وفى هلكة فتنتها متورّطون، مع علمهم بسوء عواقب خطبها، وتجرّع مرارة شربها، وسرعة استرجاعها ما وهبت، وإخراجها ممّا ملكت، فليس ينجو منها إلا من حذرها، ولا يهلك فيها إلا من أمنها، وكذلك صورة الهوى؛ هما فى الفتنة سواء.

[[بعض ما جاء فى العفاف]]

وقال ابن دريد: قال بعض الحكماء: أغلق أبواب الشبهات بأفعال الزهادة، [وافتح أبواب البر بمفاتيح العبادة] فإنّ ذلك يدنيك من السعادة،

<<  <  ج: ص:  >  >>