للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طرفه، وشال بشعرات أنفه، وتاه بحسن قدّه، وزها بورد خدّه، ولم يسقنا من من نوئه، ولم نسر بضوئه؛ فالآن إذ نسخ الدهر آية حسنه، وأقام مائل غصنه، وفلّل غرب عجبه «١» ، وكفّ شأو زهوه، وانتصر لنا منه بشعرات قد كسفت هلاله، وأكسفت باله، ومسخت جماله، وغيّرت حاله، وكدّرت شرعته «٢» ، ونكّرت طلعته، جاء يستقى من جرفنا جرفا، ويغرف من طينتنا غرفا، فمهلا يا أبا الفضل مهلا:

أرغبت فينا إذ علا ... ك الشّعر فى خدّ قحل

وخرجت من حدّ الظبا ... ء وصرت فى حدّ الإبل

أنشأت تطلب عشرتى ... عد للعداوة يا خجل

أنسيت أيامك؛ إذ تكلّمنا نزرا «٣» ، وتنظرنا شزرا «٤» ، وتجالس من حضر، ونسرق إليك النظر، ونهتزّ لكلامك، ونهش لسلامك:

فمن لك بالعين التى كنت مرة ... إليك بها فى سالف الدّهر أنظر

أيام كنت تتمايل، والأعضاء تتزايل، وتتغانج، والأجساد تتفالج، وتتفلّت، والأكباد تتفتّت، وتخطر وترفل، والوجد بنا يعلو ويسفل، وتدبر وتقبل، فتمنى وتخبل، [وتصد] وتعرض، فتضنى وتمرض:

وتبسم عن ألمى كأنّ منورا ... تخلل حرّ الرمل دعص له ند

فأقصر الآن فإنه سوق كسد، ومتاع فسد، ودولة أعرضت، وأيام انقضت:

وعهد نفاق مضى ... وسوق كساد نزل

وخدّ كأن لم يكن ... وخط كأن لم يزل

<<  <  ج: ص:  >  >>