للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا تصرفنّ الطّرف فى كل منظر ... فإنّ معاريض البلاء كثير

ولم أر مثل الحبّ أسقم ذا هوى ... ولا مثل حكم الحبّ كيف يجور

لقد صنت ما بى فى الضمير لو أنه ... يصان لدى الطّرف النموم ضمير

غيره:

اليوم أيقنت أن الحبّ متلفة ... وأن صاحبه منه على خطر

كيف الحياة لمن أمسى على شرف ... من المنيّة بين الخوف والحذر

يلوم عينيه أحيانا بذنبهما ... ويحمل الذنب أحيانا على القدر

إذا نأى أو دنا فالقلب عندكم ... وقلبه أبدا منه على سفر

ونظر محمد بن أسباط الصوفى إلى أبى المثنى الشيبانى وقد نظر فى وجه غلام مليح، فقال: [إياك و] إدمان النظر [فإنه] يكشف الخبر، ويفضح البشر، ويطول به المكث فى سقر.

وقال المعلى الصوفىّ: شكوت إلى بعض الزهاد فسادا أجده فى قلبى، فقال: هل نظرت إلى شىء فتاقت إليه نفسك؟ قلت: نعم، قال: احفظ عينيك؛ فإنك إن أطلقتهما أوقعتاك فى مكروه، وإن ملكتهما ملكت سائر جوارحك.

وقال مسلم الخوّاص لمحمد بن على الصوفى: أوصنى، فقال: أوصيك بتقوى الله فى أمرك كلّه، وإيثار ما يحبّ على محبتك، وإياك والنظر إلى كل ما دعاك إليه طرفك، وشوّقك إليه قلبك؛ فإنهما إن ملكاك لم تملك شيئا من جوارحك، حتى تبلغ لهما ما يطالعانك به «١» ، وإن ملكتهما كنت الداعى إلى ما أردت، فلم يعصيا لك أمرا ولم يردّا لك قولا.

قال بعض الحكماء: إن الله عزّ وجل جعل القلب أمير الجسد، وملك الأعضاء؛ فجميع الجوارح تنقاد له، وكلّ الحواسّ تطيعه، وهو مديرها «٢»

<<  <  ج: ص:  >  >>