للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وواسطة عقدهم. هو صدرهم وبدرهم، ومن عليه يدور أمرهم، ينيف عليهم إنافة صفحة الشمس على كرة الأرض، كأنهم فلك هو قطبه، وجسد هو قلبه، ومملوك هو ربّه. هو مشهور بسيادتهم، وواسطة قلادتهم. موضعه من أهل الفضل موضع الواسطة من العقد، وليلة التّمّ من الشهر، بل ليلة القدر إلى مطلع الفجر.

أفضل وأنعم، وأسدى فى الإحسان وألحم، وأسرج فى الإكرام وألجم، قسم من إنعامه ما يسع أمما، وتلقى السعادة أمما «١» ، أعطاه عنان الاهتمام، حتى استولى على قصب المرام. ردّ عنه الدهر أحصّ الجناح «٢» ، وملّكه مقادة النجاح. أولاه من معهود البرّ ومألوفه، وقصّرت الأعداء عن مئاته وألوفه. أولاه إسعافا سمحا وعطاء سحّا، ومننا صفوا وعفوا. أفاض عليه شعاب البرّ ومسايله، وجمع له شعوب الجميل وقبائله، وهطلت عليه سحائب عنايته، ورفرفت حوله أجنحة رعايته. قد فكه بكرمه من قيد السؤال، ومعرّة الاختلال. راشه بعد ما حصّه الفقر، وأرضاه وقد أسخطه الدهر. ملأ العيون، وسهر دوننا لتحقيق الظنون. قد شمت من كرمه أكرم سحاب، وحصلت من إنعامه فى أخصب جناب. قد سد ثلمة حالى، وأدرّ حلوبة آمالى. ما أخلو من طلّ إحسانه ووابله، وغابر إنعامه وقابله. قد استمطرت منه بنوء غزير. وسريت فى ضوء قمر منير. قد كرعت من برّه فى مشارع تغزر ولا تنزر، ورفلت من طوله فى ملابس تطول ولا تقصر. إقامته فى ظلّ ظليل، وفضل جزيل، وريح بليل، ونسيم عليل، وماء روىّ، ومهاد وطىّ، وكنّ كنين، ومكان مكين. أنا آوى إلى ظلّه كما يأوى الطير المذعور إلى الحرم، وأواجه منه وجه المجد وصورة الكرم. أنا من إنعامه بين خير مستفيض، وجاه عريض، ونعم بيض.

قد استظهرت على جور الآيام بعد له، واستترت من دهرى بظلّه. ما أردد فيه طرفى

<<  <  ج: ص:  >  >>