للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما اخترت نأى الدار عنك لسلوة ... ولكن مقادير لهنّ شؤون

فقالت: أحسنه، ولا أقيم لحنه، ولكن مطارحه لتستغنى به عنه، لقربه منه، وأنا به أحذق، ثم غنّت:

وما زلت مد شطّت بك الدار باكيا ... أؤمّل منك العطف حين تؤوب

فأضعفت ما بى حين أبت وزدتنى ... عذابا وإعراضا وأنت قريب

وقال الظاعن: جعلت فداك، أتحسنين:

أزف الفراق فأعلنى جزعا ... ودعى العتاب فإننا سفر

إنّ المحبّ يصدّ مقتربا ... فإذا تباعد شفّه الذّكر

قالت: نعم، وأحسن منه ومن إيقاعه، ثم غنت:

لأقيمنّ مأتما عن قريب ... ليس بعد الفراق غير النّحيب

ربما أوجع النّوى للقلوب ... ثم لا سيّما فراق الحبيب «١»

ثم قال السالف: جعلت فداك، أتحسنين:

كنّا نعاتبكم ليالى عودكم ... حلو المذاق وفيكم مستعتب

فالآن حين بدا التنكّر منكم ... ذهب العتاب فليس عنكم مذهب

قالت: لا، ولكن أحسن منه فى معناه، ثم غنت:

وصلتك لما كان ودّك خالصا ... وأعرضت لما صار نهبا مقسّما

ولن يلبث الحوض الجديد بناؤه ... إذا كثر الورّاد أن يتهدّما

فقال المستأنف: أتحسنين، جعلت فداك:

إنى لأعظم أن أبوح بحاجتى ... وإذا قرأت صحيقتى فتفهّمى

وعليك عهد الله إن أبثثته ... أحدا ولا آذنته بتكلّم «٢»

<<  <  ج: ص:  >  >>