للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البياض، ولست بأبيض، وبرنسه سواد الشّعر، وأنا أشمط! ولكن قولى:

إنك لمليح.

وكان خالد حافظا لأخبار الإسلام، وأيام الفتن، وأحاديث الخلفاء، ونوادر الرواة، وكل ما تصرف فيه أهل الأدب، وله يقول مكى بن سوادة:

عليم بتنزيل الكتاب ملقّن ... ذكور لما سدّاه أول أولا

يبذّ قريع القوم فى كل محفل ... ولو كان سحبان الخطيب ودغفلا

ترى خطباء الناس يوم أرتجاله ... كأنهم الكروان صادف أجدلا «١»

أما سحبان الذى ذكره فهو خطيب العرب بأسرها غير منازع ولا مدافع، وكان إذا خطب لم يعد حرفا، ولم يتوقّف، ولم يتحبّس، ولم يفكر فى استنباط، وكان يسيل غربا، كأنه آذىّ بحر «٢» .

ويقال: إنّ معاوية قدم عليه وفد من خراسان وجّههم سعيد بن عثمان، وطلب سحبان فلم يوجد عامّة النهار، ثم اقتضب من ناحية كان فيها اقتضابا، فدخل عليه فقال: تكلّم، فقال: انظروا لى عصا تقيم من أودى، فقال له معاوية: ما تصنع بها؟ فقال: ما كان يصنع موسى عليه الصلاة والسلام وهو يخاطب ربّه وعصاه بيده، فجاءوه بعصا فلم يرضها. فقال: جيئونى بعصاى، فأخذها، ثم قام فتكلم منذ صلاة الظهر إلى [أن فاتت] صلاة العصر، ما تنحنح، ولا سعل، ولا توقّف، ولا تحبّس، ولا ابتدأ فى معنى فخرج منه إلى غيره حتى أتمّه ولم يبق منه شىء، ولا سأل عن أى جنس من الكلام يخطب فيه، فما زالت تلك حاله وكلّ عين فى السماطين؟؟؟ إلى أن أشار له معاوية بيده أن اسكت، فأشار سحبان بيده أن دعنى لا تقطع علىّ كلامى، فقال له معاوية:

[الصلاة، فقال: هى أمامك ونحن فى صلاة يتبعها تحميد وتمجيد، وعظة وتنبيه

<<  <  ج: ص:  >  >>