للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وشيجه؛ وإياه أسأل أن يجعله للرئيس فرطا صالحا، وذخرا عتيدا، وأن ينفعه يوم الدين، حيث لا ينفع إلا مثله بين البنين، بجوده ومجده.

ولئن كان المصاب عظيما، والحادث فيه جسيما، لقد أحسن الله إليه، وإلى الرئيس فيه؛ أمّا إليه فإن الله نزّهه بالاخترام «١» ، عن اقتراف الآثام، وصانه بالاحتضار، عن ملابسة الأوزار، فورد دنياه رشيدا، وصدر عنها سعيدا، نقى الصحيفة من سواد الذنوب، برىّ الساحة من درن العيوب، لم تدنّسه الجرائر، ولم تعلق به الصغائر والكبائر، قد رفع الله عنه دقيق الحساب، وأسهم له الثواب مع أهل الصواب، وألحقه بالصدّيقين الفاضلين فى المعاد، وبوّأه حيث أفضلهم من غير سعى ولا اجتهاد.

وأما الرئيس فإن الله عز وجل لما اختار ذلك له قبضه قبل رؤيته إياه على الحالة «٢» التى تكون معها الرقة، ومعاينته التى تتضاعف معها لحرقة، وحماه من فتنه المرافقة، ليرفعه عن جزع المفارقة، [وكان هو المبقّى] فى دنياه، وهو الواحد الماضى الذخيرة لأخراه، وقد قيل: إن تسلم الجلّة فالسّخل هدر «٣» ؛ وعزيز علىّ أن أقول قول المهوّن للأمر من بعده، وألّا أوفى التوجّع عليه واجب فقده، فهو له سلالة، ومنه بضعة، ولكن ذلك طريق التسلية، وسبيل التعزية، والمنهج المسلوك فى مخاطبة مثله، ممن يقبل منفعة الذكرى وإن أغناه الاستبصار، ولا يأبى ورود الموعظة وإن كفاه الاعتبار، والله تعالى يقى الرئيس المصائب، ويعيذه من النوائب، ويرعاه بعينه التى لا تنام، ويجعله فى حماه الذى لا يرام، ويبقيه موفورا غير منتقص، ويقدّمنا إلى السوء أمامه، وإلى المحذور قدّامه، ويبدأ بى من بينهم فى هذه الدعوة، إذ كنت أراها من أسعد أحوالى، وأعدّها من أبلغ أمانىّ وآمالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>