للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخيار يومئذ لله. قال جامع: أجل، ولكن لا ندرى لمن يجعله الله. فغضب الحجاج وقال: يا هناه؛ إنك من محارب، فقال جامع:

وللحرب سمّينا وكنا محاربا ... إذا ما القنا أمسى من الطعن أحمرا

فقال له الحجاج: والله لقد هممت أن أخلع لسانك، فأضرب به وجهك.

فقال جامع: إن صدقناك أغضبناك، وإن كذبناك أغضبنا الله. فقال الحجاج:

أجل، وسكن سلطانه، وشغل ببعض الأمر، وخرج جامع وانسلّ من صفوف الناس، وانحاز إلى جبل العراق.

[[جامع المحاربى]]

وكان جامع لسنا مفوّها، وهو الذى يقول للحجاج حين بنى واسطا:

بنيتها فى غير بلدك، وأورثتها غير ولدك.

وكان الحجاج من الفصحاء البلغاء، ويقال: ما رئى حضرى أفصح من الحجاج ومن الحسن البصرى. وكان يحبّ أهل الجهارة والبلاغة، ويؤثرهم ويقربهم.

[[أيوب بن القرية]]

ولما دخل أيوب بن القرّية على الحجاج- وكان فيمن أسر من أصحاب عبد الرحمن بن الأشعث بن قيس الكندى- قال له: ما أعددت لهذا الموقف؟

قال: ثلاثة حروف، كأنّها ركب وقوف: دنيا، وآخرة، ومعروف.

فقال له الحجاج: بئسما منّيت به نفسك يابن القرّية، أترانى ممن تخدعه بكلامك وخطبك؟ والله لانت أقرب إلى الآخرة من موضع نعلى هذه.

قال: أقلنى عثرتى، وأسغنى ريقى، فإنه لا بدّ للجواد من كبوة، والسيف من نبوة، والحليم من صبوة.

قال: أنت إلى القبر أقرب منك إلى العفو، ألست القائل وأنت تحرّض حزب الشيطان، وعدوّ الرحمن: تغدّوا بالحجاج قبل أن يتعشّى بكم! وقد رويت هذه اللفظة للغضبان بن القبعثرى. ثم قدمه فضرب عنقه.

<<  <  ج: ص:  >  >>