للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال: ما أنصف من عاتب أخاه بالإعراض على ذنب كان منه، أو هجره لخلاف بما يكره عنده، إذا كان لا يعتدّ فى سالف أيام العشرة إلا بالرضا عنه، ومشاكلته فيما يؤنسه منه. فإن كان العاتب شكا جميع ما ستره من أخيه أولا، فلقد تتمّم الموافقة حظّ الاغتفار، وإن لم يكن وفى له بكلّ ما استحقّ منه فليقتصّ ممّا وجب منه عليه لأخيه بقدر ذنبه، ثم العودة إلى الألفة أولى من تشتّت الشّمل، وأشبه بأهل التصافى، وأكرم فى الأحدوثة عند الناس.

وقال: الحياء لباس سابغ، وحجاب واق، وستر من المساوى، وأخو العفاف، وحليف الدّين، ومصاحب بالصّنع. ورقيب من العصمة، وعين كالئة «١» تذود عن الفساد، وتنهى عن الفحشاء والأدناس.

وقال: لا يخلو أحد من صبوة إلّا أن يكون جاسى الخلقة «٢» ، منقوص البنية، أو على خلاف تركيب الاعتدال.

[[الهوى]]

ورأى سعيد بن سلم «٣» بن قتيبة ابنا له قد شرع فى رقيق الشعر وروايته، فأنكر عليه، فقيل له: إنه قد عشق، فقال: دعوه فإنه يلطف، وينظف، ويظرف.

وقال الفضل بن أحمد بن أبى طاهر «٤» ، واسم أبى طاهر طيفور: وصف الهوى قوم وقالوا: إنه فضيلة، وإنه ينتج الحيلة، ويشجّع قلب الجبان، ويسخّى قلب البخيل، ويصفّى ذهن الغبى، ويطلق بالشّعر لسان المفحم، ويبعث حزم العاجز الضعيف، وإنه عزيز تذل له عزّة الملوك، وتضرع فيه صولة الشجاع، وتنقاد له طاعة كل ممتنع، ويذلّل كلّ مستصعب، ويبرز كل محتجب، وهو داعية الأدب، وأول باب تفتّق به لأذهان والفطن،

<<  <  ج: ص:  >  >>