للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[خطب عمر بن الخطاب رضي الله عنه]

[خطبته بعد توليه الخلافة]

...

[خطب عمر بن الخطاب رضي الله عنه]

لقد كان عمر بن الخطاب نفاذ بصيرة وصدق عزم وبلاغة لسان، كما كان صفي رسول الله. وقد أعز الله به الإسلام في مكة حين أعلن ولاءه لرسوله، وما زال منقطعا إليه والرسول -صلى الله عليه وسلم- يقربه منه ويتخذه موضع مشورته، حتى توفي وخلفه أبو بكر، فكان له نعم المعين، ولما أسندت إليه مقاليد الخلافة نهض بها في رجاحة عقل وقوة نفس، فقد كان الفاروق مهيب الجانب يرهبه المسلمون، ولم تكن رهبة العنف والظلم والقسوة، وإنما هي رهبة من الانحراف عن الصواب، فهي ليست رهبة مصحوبة بالرعب من الحاكم، وإنما هي الرهبة التي تخلق الأمن وتنشر الطمأنينة. فما كان عمر -رضي الله عنه- ليرضى أن يخرج من الرعية عن الطريق القويم وهذا ما نلاحظه في خطبه.

١- خطبته بعد توليه الخلافة:

إن الله عز وجل قد ولاني أمركم، وقد علمت أنفع ما بحضرتكم لكم، وإني أسأل الله أن يعينني عليه، وأن يحرسني عنده، كما حرسني عند غيره، وأن يلهمني العدل في قسمكم كالذي أمرني به. وإني أمرؤ مسلم وعبد ضعيف، إلا ما أعان الله عز وجل، ولن يغير الذي وليت من خلافتكم من خلقي شيئا إن شاء الله، إنما العظمة لله عز وجل، وليس للعباد منها شيء، فلا يقولن أحد منكم: إن عمر تغير منذ ولي، أعقل الحق من نفسي، وأتقدم وأبين لكم أمري، فأيما رجل كانت له حاجة، أو ظلم مظلمة أو عتب علينا في خلق، فليؤذنِّي، فإنما أنا رجل منكم، فعليكم بتقوى الله في سركم وعلانيتكم، وحرماتكم وأعراقكم، وأعطوا الحق من أنفسكم، ولا يحمل بعضكم بعضا على أن تحاكموا إلى، فإنه ليس بيني وبين أحد من الناس هوادة، وأنا حبيب

<<  <   >  >>