للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وَمُسْتَعْلِيًا عَلَيْهَا، وَهُوَ مُحَالٌ، «وَمَنَعَهُ قَوْمٌ مُطْلَقًا» ، أَيْ: مَنَعُوا دُخُولَ الْمُتَكَلِّمِ تَحْتَ عُمُومِ كَلَامِهِ مُطْلَقًا فِي الْأَمْرِ وَغَيْرِهِ ; فَصَارَتِ الْمَذَاهِبُ ثَلَاثَةً: يَدْخُلُ مُطْلَقًا، وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ، لَا يَدْخُلُ مُطْلَقًا، وَهُوَ قَوْلُ الْأَقَلِّينَ، الثَّالِثُ تَفْصِيلُ أَبِي الْخَطَّابِ، يَدْخُلُ تَحْتَ عُمُومِ الْخَبَرِ وَنَحْوِهِ دُونَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ.

احْتَجَّ الْمَانِعُونَ مُطْلَقًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الزُّمَرِ: ٦٢] ، وَلَوْ تَنَاوُلَ الْمُتَكَلِّمَ عُمُومُ كَلَامِهِ، لَلَزِمَ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَصِفَاتُهُ مَخْلُوقًا لِنَفْسِهِ لِتَنَاوُلِ عُمُومِ لَفْظِ الشَّيْءِ لَهُ، لَكِنَّ ذَلِكَ مُحَالٌ.

وَلَنَا عَلَى الْمَذْهَبِ الْأَوَّلِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْمُتَّبَعَ عُمُومُ لَفْظِ الْمُتَكَلِّمِ وَهُوَ يَتَنَاوَلُهُ كَغَيْرِهِ. وَأَمَّا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَصِفَاتُهُ ; فَعُمُومُ قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} يَتَنَاوَلُهُ وَضْعًا، وَيَقْتَضِي دُخُولَهُ تَحْتَهُ لُغَةً، لَكِنَّهُ خَصَّ مِنَ الْعُمُومِ عَقْلًا لِامْتِنَاعِ ذَلِكَ فِي حَقِّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَاسْتِحَالَتِهِ عَلَيْهِ.

الْوَجْهُ الثَّانِي: لَوْ قَالَ السَّيِّدُ لِغُلَامِهِ: مَنْ رَأَيْتَ ; فَأَعْطِهِ دِرْهَمًا، أَوْ مَنْ دَخَلَ دَارِي ; فَأَعْطِهِ دِرْهَمًا ; فَرَأَى الْغُلَامُ سَيِّدَهُ، أَوْ دَخَلَ السَّيِّدُ دَارَ نَفْسِهِ ; فَأَعْطَاهُ الْغُلَامُ دِرْهَمًا، عُدَّ مُمْتَثِلًا «وَإِلَّا» أَيْ: وَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ عُدَّ عَاصِيًا، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُتَكَلِّمَ يَدْخُلُ تَحْتَ عُمُومِ كَلَامِهِ.

قَوْلُهُ: «أَمَّا مَعَ الْقَرِينَةِ، نَحْوَ: فَأَهِنْهُ، أَوْ فَاضْرِبْهُ ; فَلَا ; لِأَنَّهَا مُخَصِّصٌ» ، إِلَى آخِرِهِ. هُوَ جَوَابُ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ.

وَتَقْرِيرُهُ: أَنَّهُ وَإِنْ دَخَلَ تَحْتَ عُمُومِ كَلَامِهِ فِي الصُّورَةِ الَّتِي ذَكَرْتُمْ،

<<  <  ج: ص:  >  >>