للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الِاسْتِثْنَاءُ هَاهُنَا إِلَى الْجَمِيعِ ; فَكَذَلِكَ يَرْجِعُ إِلَى الَّذِي قَبْلَهُ.

الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ «تَكْرِيرَ الِاسْتِثْنَاءِ عَقِيبَ كُلِّ جُمْلَةٍ عِيٌّ قَبِيحٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ اللُّغَةِ» ، إِذْ لَا يَجُوزُ فِي لِسَانِ الْفُصَحَاءِ أَنْ يُقَالَ: فَاجْلِدُوهُمْ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا، وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا، وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا.

وَحَيْثُ الْأَمْرُ كَذَلِكَ ; فَمُقْتَضَى الْفَصَاحَةِ أَنْ يَعُودَ الِاسْتِثْنَاءُ إِلَى الْكُلِّ لِصَلَاحِيَتِهِ لَهُ، وَإِلَّا لَمْ يُقَبَّحِ التَّكْرَارُ الْمَذْكُورُ، بَلْ كَانَ يَتَعَيَّنُ فِيمَا إِذَا أُرِيدَ رُجُوعُ الِاسْتِثْنَاءِ إِلَى جَمِيعِ الْجُمَلِ.

الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّ الشَّرْطَ يَعُودُ إِلَى جَمِيعِ الْجُمَلِ قَبْلَهُ، «نَحْوَ: نِسَائِي طَوَالِقُ، وَعَبِيدِي أَحْرَارٌ إِنْ كَلَّمْتُ زَيْدًا» ; فَيَكُونُ تَكْلِيمُهُ زَيْدًا شَرْطًا فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ جَمِيعًا ; فَكَذَلِكَ الِاسْتِثْنَاءُ مِثْلُهُ، وَالْجَامِعُ بَيْنَهُمَا افْتِقَارُ كُلٍّ مِنْهُمَا إِلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ ; فَالشَّرْطُ يَتَعَلَّقُ بِمَشْرُوطِهِ، وَلَا يَسْتَقِلُّ بِدُونِهِ، وَالِاسْتِثْنَاءُ يَتَعَلَّقُ بِالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَلَا يَسْتَقِلُّ بِدُونِهِ، «وَلِهَذَا» أَيْ: لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي التَّعَلُّقِ، وَعَدَمِ الِاسْتِقْلَالِ «يُسَمَّى التَّعْلِيقُ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى اسْتِثْنَاءً» كَالِاسْتِثْنَاءِ فِي الْيَمِينِ، وَالْإِيمَانِ، وَالطَّلَاقِ، نَحْوِ: وَاللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَأَنَا مُؤْمِنٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَأَنْتِ طَالِقٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ بَيْنَ الشَّرْطِ وَالِاسْتِثْنَاءِ هَذَا الِاشْتِرَاكَ الْخَاصَّ، وَجَبَ أَنْ يَسْتَوِيَا فِي رُجُوعِ كُلٍّ مِنْهُمَا إِلَى جَمِيعِ الْجُمَلِ قَبْلَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>