للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وَهُوَ بَيَانٌ قَوْلِيٌّ ; فَقَدْ تَضَمَّنَ هَذَا الْحَدِيثُ نَوْعَيِ الْبَيَانِ، الْقَوْلِيِّ وَالْفِعْلِيِّ.

وَمِنَ الْبَيَانِ الْفِعْلِيِّ قَوْلُهُ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ: صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي. وَخُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ، أَيِ: انْظُرُوا إِلَى فِعْلِي فِي الصَّلَاةِ وَالْحَجِّ ; فَافْعَلُوا مِثْلَهُ ; فَكَانَ فِعْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِيهِمَا مُبَيِّنًا لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {أَقِيمُوا الصَّلَاةَ} [الْأَنْعَامِ: ٧٢] ، {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [الْبَقَرَةِ: ١٩٦] .

فَإِنْ قِيلَ: بَيَانُ الصَّلَاةِ وَالْحَجِّ إِنَّمَا حَصَلَ بِقَوْلِهِ: صَلُّوا، وَ: خُذُوا.

قُلْنَا: لَيْسَ كَذَلِكَ، إِذْ هَذَا اللَّفْظُ لَا يُعْلَمُ مِنْهُ تَفَاصِيلُ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ وَالْحَجِّ، بَلْ هُوَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بَيَّنَ بُقُولِهِ: صَلُّوا، وَخُذُوا أَنَّ فِعْلَهُ مُبَيِّنٌ لِتَفَاصِيلِ الصَّلَاةِ وَالْمَنَاسِكِ، وَلِهَذَا قَضَى مَنَاسِكَهُ فِي حَجَّتِهِ رَاكِبًا، لِيَتَعَلَّمَ مِنْهُ النَّاسُ.

نَعَمْ، يَرِدُ عَلَى الِاسْتِدْلَالِ بِقَوْلِهِ: صَلُّوا، وَخُذُوا عَنِّي، سُؤَالٌ أَصَحُّ مِنَ السُّؤَالِ الْمَذْكُورِ، وَهُوَ أَنْ يُقَالَ: إِنَّمَا أَمَرَهُمْ بِذَلِكَ أَنْ يَسْأَلُوهُ عَنْ أَحْكَامِ الصَّلَاةِ وَالْحَجِّ ; فَيُجِيبَهُمْ عَنْهَا ; فَيَكُونُ الْبَيَانُ قَوْلِيًّا لَا فِعْلِيًّا، كَمَا نُقِلَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: سَلُونِي قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِي. وَكَمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَامَ مَقَامًا ; فَقَالَ فِيهِ: لَا تَسْأَلُونِي فِي مَقَامِي هَذَا عَنْ شَيْءٍ إِلَّا أَجَبْتُكُمْ،

<<  <  ج: ص:  >  >>