للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فَإِنَّ الْعَقْلَ يَأْبَى إِضَافَةَ التَّحْرِيمِ إِلَى الْأَعْيَانِ ; فَوَجَبَ لِذَلِكَ إِضْمَارُ فِعْلٍ يَتَعَلَّقُ بِهِ التَّحْرِيمُ، وَهُوَ الْوَطْءُ، كَمَا سَبَقَ فِي الْمُجْمَلِ وَالْمُبَيَّنِ، وَكَذَلِكَ نَظَائِرُهُ هُنَاكَ، وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يُوسُفَ: ٨٢] ، فَإِنَّ السُّؤَالَ إِنَّمَا يَصِحُّ عَقْلًا مِمَّا يَصِحُّ مِنْهُ الْجَوَابُ، وَالْقَرْيَةُ الَّتِي هِيَ الْجُدْرَانُ وَالْأَبْنِيَةُ لَا يَصِحُّ مِنْهَا ذَلِكَ ; فَوَجَبَ ضَرُورَةَ تَصْحِيحِ الْخَبَرِ عَقْلًا، إِضْمَارُ مَا يَصِحُّ سُؤَالُهُ وَجَوَابُهُ، وَهُوَ أَهْلُ الْقَرْيَةِ. وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ السَّيِّدِ لِعَبْدِهِ: اصْعَدِ السَّطْحَ، يَقْتَضِي بِالضَّرُورَةِ إِضْمَارَ نَصْبِ السُّلَّمِ.

قُلْتُ: وَذَكَرَ الْآمِدِيُّ أَقْسَامَ دَلَالَةِ غَيْرِ الْمَنْظُومِ أَرْبَعَةً كَمَا سَبَقَ:

أَوَّلُهَا: دَلَالَةُ الِاقْتِضَاءِ: وَهُوَ مَا كَانَ الْمَدْلُولُ فِيهِ مُضْمَرًا ; إِمَّا لِضَرُورَةِ صِدْقِ الْمُتَكَلِّمِ، كَقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ، أَيْ: حُكْمُهُ. أَوْ لِصِحَّةِ الْمَلْفُوظِ بِهِ ; إِمَّا عَقْلًا نَحْوَ: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يُوسُفَ: ٨٢] ، أَوْ شَرْعًا، نَحْوَ: أَعْتِقْ عَبْدَكَ عَنِّي عَلَى أَلْفٍ، إِذْ يَسْتَدْعِي إِضْمَارَ انْتِقَالِ الْمِلْكِ إِلَيْهِ، لِتَوَقُّفِ الْعِتْقِ عَنْهُ شَرْعًا عَلَيْهِ.

وَثَانِيهَا: دَلَالَةُ التَّنْبِيهِ وَالْإِيمَاءِ، وَهِيَ خَمْسَةُ الْأَصْنَافِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْقِيَاسِ.

وَثَالِثُهَا: دَلَالَةُ الْإِشَارَةِ: كَدَلَالَةِ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ: تَمْكُثُ شَطْرَ دَهْرِهَا لَا تُصَلِّي. تَفْسِيرًا لِنُقْصَانِ دِينِهَا، عَلَى أَنَّ أَقَلَّ الطُّهْرِ، وَأَكْثَرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>