للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الثَّانِي: أَنَّ تَخْصِيصَ أَحَدِهِمَا بِالذِّكْرِ مَعَ اسْتِوَائِهِمَا فِي الْحُكْمِ «تَرْجِيحٌ مِنْ غَيْرِ مُرَجِّحٍ» ، إِذْ لَيْسَ قَوْلُهُ: فِي سَائِمَةِ الْغَنَمِ الزَّكَاةُ، بِأَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ: فِي مَعْلُوفَةِ الْغَنَمِ الزَّكَاةُ. وَلَا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا} [الْمَائِدَةِ: ٩٥] ، أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ: مُخْطِئًا ; فَكَانَ ذَلِكَ تَرْجِيحًا مِنْ غَيْرِ مُرَجِّحٍ.

الثَّالِثُ: أَنَّ اسْتِوَاءَهُمَا فِي الْحُكْمِ يُبْطِلُ فَائِدَةَ تَخْصِيصِ أَحَدِهِمَا بِالذِّكْرِ، إِذْ لَا أَوْلَوِيَّةَ لَهُ بِالتَّخْصِيصِ، وَهَذَا يَرْجِعُ إِلَى الَّذِي قَبْلَهُ، وَهُوَ التَّرْجِيحُ مِنْ غَيْرِ مُرَجِّحٍ ; فَهَذِهِ أُمُورٌ بَاطِلَةٌ، تُلْزِمُ تَخْصِيصَ أَحَدِ الشَّيْئَيْنِ بِالذِّكْرِ مَعَ اسْتِوَائِهِمَا فِي الْحُكْمِ، وَمَلْزُومُ الْبَاطِلِ بَاطِلٌ ; فَدَلَّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ بَاطِلٌ، وَذَلِكَ يُوجِبُ صِحَّةَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّ تَخْصِيصَ الشَّيْءِ بِالذِّكْرِ يَقْتَضِي نَفْيَ الْحُكْمِ عَمَّا عَدَاهُ.

قَوْلُهُ: «قَالُوا: فَائِدَتُهُ» ، إِلَى آخِرِهِ. هَذَا مَنْعٌ عَلَى قَوْلِنَا: إِنَّ ذَلِكَ يُبْطِلُ فَائِدَةَ التَّخْصِيصِ.

وَتَقْرِيرُهُ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ يُبْطِلُ فَائِدَةَ التَّخْصِيصِ، بَلْ لِلتَّخْصِيصِ مَعَ اسْتِوَائِهِمَا فِي الْحُكْمِ فَوَائِدُ:

إِحْدَاهُنَّ: «تَوْسِعَةُ مَجَارِي الِاجْتِهَادِ» ، لِيَنَالَ الْمُجْتَهِدُ فَضِيلَةَ الْمُجْتَهِدِينَ، وَذَلِكَ لِأَنَّ تَخْصِيصَ الشَّيْءِ بِالذِّكْرِ مَعَ احْتِمَالِ الِاخْتِصَاصِ بِالْحُكْمِ وَعَدَمِهِ يَحْتَاجُ إِلَى نَظَرٍ وَاجْتِهَادٍ، يَحْصُلُ بِهِ لِلنَّاظِرِ فَضِيلَةُ النَّظَرِ ; لِأَنَّ فِيهِ إِتْعَابًا لِلْقَرِيحَةِ، وَالثَّوَابُ عَلَى قَدْرِ النَّصَبِ، وَهَذَا كَمَا قُلْنَا فِي وُرُودِ الْحُكْمِ عَلَى السَّبَبِ، وَكَمَا قُلْنَا: إِنَّ الشَّارِعَ لَمْ يَنُصَّ عَلَى جَمِيعِ الْأَحْكَامِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَرَادَ تَوْسِيعَ مَجَارِي الِاجْتِهَادِ بِإِلْحَاقِ الْفُرُوعِ بِالْأُصُولِ الْمَنْصُوصِ عَلَى أَحْكَامِهَا،

<<  <  ج: ص:  >  >>