للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قَوْلُهُ: «وَفِي الْفَاسِقِ بِاعْتِقَادٍ» يَعْنِي كَمَنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنَ الْفِرَقِ، إِذَا لَمْ نُكَفِّرْهُمْ بِقَوْلٍ «أَوْ فِعْلٍ» كَشَارِبِ الْخَمْرِ، وَالزَّانِي وَالسَّارِقِ وَنَحْوِهِمْ أَقْوَالٌ:

أَحَدُهَا: «النَّفْيُ» أَيْ: نَفْيُ اعْتِبَارِ قَوْلِهِ «عِنْدَ الْقَاضِي» أَبِي يَعْلَى وَجَمَاعَةٍ غَيْرِهِ، لِأَنَّهُ «لَيْسَ عَدْلًا وَسَطًا» وَإِنَّمَا اعْتَبَرَ الشَّرْعُ قَوْلَ الْعَدْلِ الْوَسَطِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} [الْبَقَرَةِ: ١٤٣] ، وَالْفِسْقُ يُنَافِي الْعَدَالَةَ.

الْقَوْلُ الثَّانِي: «الْإِثْبَاتُ» أَيْ: إِثْبَاتُ اعْتِبَارِ قَوْلِهِ، وَهُوَ قَوْلُ «أَبِي الْخَطَّابِ» لِأَنَّهُ «مِنَ الْأُمَّةِ» فَيَتَنَاوَلُهُ الدَّلِيلُ السَّمْعِيُّ عَلَى عِصْمَتِهَا.

وَيُجَابُ عَمَّا قَالَهُ الْقَاضِي: بِأَنَّ الْعَدَالَةَ تُعْتَبَرُ لِلرِّوَايَةِ وَالشَّهَادَةِ، لَا لِلنَّظَرِ وَالِاجْتِهَادِ، وَهُوَ الْمُرَادُ فِي بَابِ الْإِجْمَاعِ، وَلِلْقَاضِي أَنْ يَقُولَ: هُوَ مُخْبِرٌ عَنْ نَفْسِهِ بِمَا أَدَّى إِلَيْهِ نَظَرُهُ وَاجْتِهَادُهُ، وَخَبَرُهُ غَيْرُ مَقْبُولٍ لِفِسْقِهِ.

الْقَوْلُ الثَّالِثُ: «يُعْتَبَرُ» قَوْلُهُ «فِي حَقِّ نَفْسِهِ فَقَطْ دُونَ غَيْرِهِ، أَيْ: يَكُونُ الْإِجْمَاعُ الْمُنْعَقِدُ بِهِ حُجَّةً عَلَيْهِ دُونَ غَيْرِهِ» .

مِثَالُهُ: لَوْ أَجْمَعَ مَعَ بَقِيَّةِ الْمُجْتَهِدِينَ عَلَى تَحْرِيمِ بَيْعِ أُمِّ الْوَلَدِ، أَوْ تَحْرِيمِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ فِي الْوَطْءِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ، أَوْ عَلَى أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ ثَلَاثًا لَا يُحِلُّهَا لِلْأَوَّلِ مُجَرَّدُ عَقْدِ الثَّانِي عَلَيْهَا، أَوْ عَلَى تَحْرِيمِ أَكْلِ الثَّعْلَبِ وَنَحْوِهِ، كَانَ ذَلِكَ الْإِجْمَاعُ حُجَّةً عَلَيْهِ، حَتَّى لَوْ ظَهَرَ لَهُ دَلِيلُ الْإِبَاحَةِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>