للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الْمُجْمَعُ عَلَيْهِ ضَرُورِيًّا مِنَ الدِّينِ.

قُلْتُ: هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ بِمُخَالَفَةِ مَا لَيْسَ ضَرُورِيًّا قَوْلًا وَاحِدًا، وَلَعَلَّهُ مَذْهَبُهُ أَوِ اخْتِيَارُهُ، وَإِلَّا فَالْخِلَافُ الَّذِي حَكَيْنَاهُ مُطْلَقًا ثَابِتٌ.

قُلْتُ: مَأْخَذُ الْخِلَافِ فِي تَكْفِيرِ مُنْكِرِ حُكْمِ الْإِجْمَاعِ: هُوَ أَنَّ الْإِجْمَاعَ ظَنِّيٌّ أَوْ قَطْعِيٌّ؟ فَمَنْ قَالَ: إِنَّهُ ظَنِّيٌّ، قَالَ: لَا يَكْفُرُ كَالْقِيَاسِ وَخَبَرِ الْوَاحِدِ، وَحُجَّتُهُ أَنَّ مُسْتَنَدَ أَصْلِ الْإِجْمَاعِ هُوَ مَا سَبَقَ مِنْ ظَوَاهِرِ الْآيَاتِ وَالْأَخْبَارِ الَّتِي لَا تُفِيدُ إِلَّا الظَّنَّ، وَمَا اسْتَنَدَ إِلَى الظَّنِّ أَوْلَى أَنْ يَكُونَ ظَنِّيًّا.

وَمَنْ قَالَ: إِنَّهُ قَطْعِيٌّ، قَالَ: إِنَّ مُسْتَنَدَ الْإِجْمَاعِ قَاطِعٌ، وَمَا اسْتَنَدَ إِلَى الْقَاطِعِ، فَهُوَ قَاطِعٌ.

وَإِنَّمَا قُلْنَا: إِنَّهُ مُسْتَنِدٌ إِلَى قَاطِعٍ، لِأَنَّ جُزْئِيَّاتِ أَدِلَّتِهِ لَوِ اسْتُقْرِئَتِ اسْتِقْرَاءً تَامًّا، لَاجْتَمَعَ مِنْهَا الدَّلِيلُ الْقَاطِعُ عَلَى أَنَّ الْإِجْمَاعَ حُجَّةٌ، لَكِنَّ اسْتِقْرَاءَهَا الِاسْتِقْرَاءَ التَّامَّ بِحَيْثُ لَا يَشِذُّ مِنْهَا شَيْءٌ مُتَعَذِّرٌ، كَمَا أَنَّ اسْتِقْرَاءَ الْحِكَايَاتِ الْجُزْئِيَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى سَخَاءِ حَاتِمٍ اسْتِقْرَاءً تَامًّا مُتَعَذِّرٌ، فَلِذَلِكَ نَبَّهَ الْعُلَمَاءُ فِي كُتُبِهِمْ بِأَدِلَّةٍ جُزْئِيَّةٍ عَلَى تِلْكَ الْأَدِلَّةِ الْحَاصِلَةِ مِنَ الِاسْتِقْرَاءِ التَّامِّ لَوْ أَمْكَنَ.

قَالَ: وَالْغَفْلَةُ عَنْ هَذَا التَّقْرِيرِ هِيَ الْمُوجِبُ لِأَسْئِلَةٍ وَرَدَتْ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>