للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لِلَّهِ تَعَالَى حُكْمٌ شَرْعِيٌّ، ثُمَّ إِنَّكُمْ أَنْتُمْ قَدْ حَرَّمْتُمُ الْقِيَاسَ، وَلَا نَصَّ فِي الْكِتَابِ بِتَحْرِيمِهِ، وَإِنَّمَا اسْتَخْرَجْتُمُوهُ مِنْ أَدِلَّةٍ كُلِّيَّةٍ عَامَّةٍ عَلَى زَعْمِكُمْ.

قَوْلُهُ: «وَقَوْلُكُمْ: مَا لَيْسَ فِيهِ يَبْقَى عَلَى النَّفْيِ الْأَصْلِيِّ يُنَاقِضُ اسْتِدْلَالَكُمْ بِالْعُمُومِ» هَذَا إِبْطَالٌ لِعُذْرٍ لَهُمْ يَعْتَذِرُونَ بِهِ عَنْ دَلِيلِنَا الْخَامِسِ الَّذِي سَبَقَ تَقْرِيرُهُ، وَلَمْ نَذْكُرْ هَذَا الْعُذْرَ فِي «الْمُخْتَصَرِ» نَصًّا، لَكِنِّي نَبَّهْتُ عَلَيْهِ هَاهُنَا بِذِكْرِ جَوَابِهِ.

وَتَقْرِيرُ ذَلِكَ أَنَّ مُنْكِرِي الْقِيَاسِ لَمَّا قِيلَ لَهُمْ: لَوْلَا الْقِيَاسُ، لَتَعَطَّلَتْ حَوَادِثُ كَثِيرَةٌ عَنْ أَحْكَامٍ؛ لِعَدَمِ وَفَاءِ النُّصُوصِ الْقَلِيلَةِ بِالْحَوَادِثِ الْكَثِيرَةِ ; أَجَابُوا بِمَا سَبَقَ عِنْدَ تَقْرِيرِ هَذَا الدَّلِيلِ، وَبِعُذْرٍ آخَرَ، وَهُوَ الْمُشَارُ إِلَيْهِ هَاهُنَا، وَهُوَ أَنْ قَالُوا: لَا نُسَلِّمُ تَعَطُّلَ شَيْءٍ مِنَ الْحَوَادِثِ عَنِ الْأَحْكَامِ، بَلْ مَا لَيْسَ مَنْصُوصًا عَلَى حُكْمِهِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَةِ يَبْقَى عَلَى النَّفْيِ الْأَصْلِيِّ أَيْ: لَا حُكْمَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْأَحْكَامِ.

وَجَوَابُهُ مَا ذَكَرْنَاهُ، وَهُوَ أَنَّ هَذَا الِاعْتِذَارَ يُنَاقِضُ اسْتِدْلَالَكُمْ بِعُمُومِ قَوْلِهِ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} ، {تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ بِمُقْتَضَى اسْتِدْلَالِكُمْ يُوجِبُ أَنْ لَا حَادِثَةَ إِلَّا وَلَهَا فِي الْكِتَابِ حُكْمٌ، فَقَوْلُكُمْ بَعْدَ هَذَا: «مَا لَيْسَ فِيهِ يَبْقَى عَلَى النَّفْيِ الْأَصْلِيِّ» إِثْبَاتٌ؛ لِأَنَّ مِنَ الْحَوَادِثِ مَا لَا حُكْمَ لَهُ فِي الْكِتَابِ، وَذَلِكَ عَيْنُ التَّنَاقُضِ.

قَوْلُهُ: «ثُمَّ الْمُرَادُ بِالْكِتَابِ» ، يَعْنِي فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} : «اللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ، فَلَا حُجَّةَ فِيهَا» عَلَى مَحَلِّ النِّزَاعِ «أَصْلًا» ،

<<  <  ج: ص:  >  >>